الخميس، 7 يناير 2016

ما معنى "جنباً" ؟


رسالة : بيان الصلاة التي أمر الله بها عبادة

فصل : ما معنى "جنباً" ؟

كتب : محمد الأنور آل كيال :

قال الله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا " [النساء : 43]

وقال الله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [المائدة : 6]


والسؤال ما معنى جنباً ؟ وما هو الجَنْب والتجنيب والاجتناب والجنابة ؟


أولاً : آراء الفرق الضالة في الجنب :

لقد افترقت الفرق الضالة في الجنابة كما يلي :

1 ـ قالت فرقة : إن الجنابة هي الإنزال , واستدلت بالروايات الباطلة التالية :

عن أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ؟ قَالَ: " يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي "، ( صحيح البخاري ) .

عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنَ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ يُكْسِلُ، فَقَالَ: يَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنَ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، وَيُصَلِّي ". ( صحيح مسلم ) .

عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَنَّهُ قَالَ: فِي الرَّجُلِ يَأْتِي أَهْلَهُ، ثُمَّ لَا يُنْزِلُ، قَالَ: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ، وَيَتَوَضَّأُ " . ( صحيح مسلم ) .

عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَحَدُنَا يَأْتِي الْمَرْأَةَ ثُمَّ يَكْسَلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ " . ( مصنف عبد الرزاق ) .

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ " . ( صحيح مسلم ) .

عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الِاثْنَيْنِ إِلَى قُبَاءَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَنِي سَالِمٍ، وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَابِ عِتْبَانَ، فَصَرَخَ بِهِ، فَخَرَجَ يَجُرُّ إِزَارَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَعْجَلْنَا الرَّجُلَ، فَقَالَ عِتْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُعْجَلُ عَنِ امْرَأَتِهِ، وَلَمْ يُمْنِ، مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ " . ( صحيح مسلم ) .

عن زَيْد بْن خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ ، أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ، فَلا يُنْزِلُ، فَقَالَ: " لَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ ". ثُمَّ قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  ، قَالَ: فَسَأَلْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ.  قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَحَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أَيُّوبَ، فَقَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . ( صحيح ابن حبان ) .

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، " إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ، فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَعْنِي وَجْهَهَا، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا " ( صحيح البخاري ) .

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: " جَاءَتْ أَمُّ سُلَيْمٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَ: تَرِبَتْ يَدَاكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا " ( صحيح مسلم ) .

عن أَنَس بْنَ مَالِكٍ ، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ حَدَّثَتْ: أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنَ الْمَرْأَةِ، تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ َرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِذَا رَأَتْ ذَلِكِ الْمَرْأَةُ، فَلْتَغْتَسِلْ "، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: وَهَلْ يَكُونُ هَذَا؟ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا، أَوْ سَبَقَ يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ " . ( صحيح مسلم ) .

والسؤال : هل مني المرأة يرى بالعين ؟

مني المرأة لا يرى بالعين , ولقد كنت استنكر هذا الأثر منذ زمن , لأن الذي يرى هو المذي وليس المني , والأطباء يعلمون ذلك .

وبمفهوم المخالفة لن تغتسل المرأة إذا لم تر الماء , أي أنها لن تغتسل إذا أنزلت لأنها لن ترى الماء .

وإذا أراد محرف تحريف المحرَّف وقال أن المراد هو المذي , قلت له : لا يجرؤ أحد على القول بذلك , فآثاركم تزعم الاغتسال من المني لا المذي , وذلك فضلاً عن القياس , فكيف تزعمون اغتسال الرجال من المني بينما تزعمون اغتسال النساء من المذي , كما أن الاغتسال من المذي لا يستطاع ففيه من المشقة ما الله به عليم .

2 ـ قالت فرقة ثانية : إن الجنابة هي الجماع ولو لم يكن هناك إنزال , واستدلت بالرواية الباطلة التالية:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ " . ( صحيح البخاري ) .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ "، وَفِي حَدِيثِ مَطَرٍ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ . ( صحيح مسلم ) .

عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: " اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ رَهْطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّونَ: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إِلَّا مِنَ الدَّفْقِ، أَوْ مِنَ الْمَاءِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: بَلْ إِذَا خَالَطَ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ، قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: فَأَنَا أَشْفِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَقُمْتُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَأُذِنَ لِي، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّاهْ، أَوْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ، وَإِنِّي أَسْتَحْيِيكِ، فَقَالَتْ: لَا تَسْتَحْيِي، أَنْ تَسْأَلَنِي عَمَّا كُنْتَ سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ، أَنَا أُمُّكَ، قُلْتُ: فَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؟ قَالَتْ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ " . ( صحيح مسلم ) .

والأسئلة التالية تبين نكارة وكذب الروايات السابقة وضلال الفرق الضالة :

هل يختن الذكور والإناث في الإسلام ؟

هل يوجد دليل صحيح على هذا الختان الوضعي ؟

انظر رسالتي : الختان الإلهي والختان الوضعي .

ماذا لو مس شعبها الأربع ولم يدخل فرجه , هل يجب عليه الغسل ؟

الأثر الباطل يوجب الغسل حينئذ , فما بالكم تقولون بضرورة إيلاج الحشفة حتى يجب الغسل ؟

ماذا لو أولج فرجه ولكنه لم يمس شعبها الأربع , هل يجب عليه الغسل ؟

بمفهوم المخالفة لا يجب عليه الغسل , فما بالكم توجبون عليه الغسل ؟

وقالت هذه الفرقة : إن أثر " الماء من الماء " منسوخ , واستدلوا بالروايات الباطلة التالية :

عن أُبَيّ بْن كَعْبٍ، أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا، يَقُولُونَ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ، رُخْصَةٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ بِهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَمَرَنَا بِالِاغْتِسَالِ بَعْدَهَا . (مسند أحمد بن حنبل ) .

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَقَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يُفْتُونَ بِهَا فِي قَوْلِهِمْ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ، رُخْصَةٌ كَانَ أُرْخِصَ بِهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أُمِرْنَا بِالِاغْتِسَالِ بَعْدَهَا " . (مسند أحمد بن حنبل ) .

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّمَا كَانَ قَوْلُ الأَنْصَارِ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ، رُخْصَةٌ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ، ثُمَّ أَخَذْنَا بِالْغُسْلِ بَعْدَ ذَلِكَ، إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ " . ( مصنف عبد الرزاق ) .

عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: " إِنَّمَا كَانَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُهِيَ عَنْهَا ". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي الْفَرْجِ وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلَا . ( جامع الترمذي ) .

عَنْ أُبَيّ بْن كَعْبٍ، " أَنّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَفْتُونَ أَنَّ الْمَاءَ مِنَ الْمَاءِ كَانَتْ رُخْصَةً رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ " . ( سنن أبي داود ) .

عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: " كَانَ الْفُتْيَا فِي الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ، ثُمَّ نُهِيَ عَنْهَا ". ( صحيح ابن خزيمة ) .

قَالَ سَهْلٌ الأَنْصَارِيُّ وَقَدْ كَانَ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ فِي زَمَانِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، " أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا، يَقُولُونَ: الْمَاءَ مِنَ الْمَاءِ، رُخْصَةٌ رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُسْلِ بَعْدَهَا ".  نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، نَحْوَ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ . ( صحيح ابن خزيمة ) .

قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ : إِنَّمَا كَانَ قَوْلُ الأَنْصَارِ: " الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ، رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ، ثُمَّ أُمِرْنَا بِالْغُسْلِ ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَعْنِي قَوْلَهُ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَهَابُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَهْمًا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَوْ مِمَّنْ دُونَهُ، لأَنَّ ابْنَ وَهْبٍ رَوَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ أَرْضَى، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، هَذِهِ اللَّفْظَةُ حَدَّثَنِيهَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو، وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَبَا حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ، لأَنَّ مَيْسَرَةَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْحَمَّالُ . ( صحيح ابن خزيمة ) .

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: " إِنَّمَا كَانَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ، ثُمَّ نُهِيَ عَنْهَا ". قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رَوَى هَذَا الْخَبَرَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ أَرْضَى، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ سَمِعَ الْخَبَرَ، مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ كَمَا، قَالَهُ غُنْدَرٌ، وَسَمِعَهُ عَنْ بَعْضِ مَنْ يَرْضَاهُ عَنْهُ، فَرَوَاهُ مَرَّةً، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَأُخْرَى عَنِ الَّذِي رَضِيَهُ عَنْهُ، وَقَدْ تَتَبَّعْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ عَلَى أَنْ أَجِدَ أَحَدًا. رَوَاهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا إِلا أَبَا حَازِمٍ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ الَّذِي، قَالَ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي مَنْ أَرْضَى، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، هُوَ أَبُو حَازِمٍ رَوَاهُ عَنْهُ . ( صحيح ابن حبان ) .

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَيٌّ، أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يُفْتُونَ أَنَّ الْمَاءَ مِنَ الْمَاءِ، كَانَ رُخْصَةً رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ، أَوْ بَدْءِ الإِسْلامِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالاغْتِسَالِ بَعْدُ ". قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَدَّى نَسْخَ هَذَا الْفِعْلِ عَلَى مَا أَخْبَرَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنْهُ، ثُمَّ نَسِيَهُ، وَأَفْتَى بِالْفِعْلِ الأَوَّلِ الَّذِي هُوَ مَنْسُوخٌ، عَلَى مَا أَخْبَرَ عَنْهُ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ . ( صحيح ابن حبان ) .

والسؤال : إذا كان أثر " الماء من الماء " منسوخاً كما قال أبي بن كعب فلماذا كان يفتي بالمنسوخ ؟ هل هو مغفل أم كذاب أم أن هذا كذب من غيره أم لا يوجد أصلاً صحابي اسمه أبي بن كعب وأن الله لم يخلقه أصلاً ؟

لو كان مغفلاً سيكون حديثه ضعيفاً , ولو كان كذاباً لكان حديثه موضوعاً , والأثر أصلاً باطل السند منكر المتن , والله أعلم هل هذا الكذب منه أم من غيره .

إن الاختلاف بين الروايات السابقة يدل على أنها ليست وحياً من عند الله , قال الله : " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا " [النساء : 82]

ومن المعلوم أن الله تعالى لم يأخذ عهداً على نفسه بجمع الآثار أو حفظها .

انظر رسالتي بطلان حجية الآثار .

3 ـ قالت أكثر الفرق : أن الجنابة هي الإنزال والجماع والحيض والنفاس والموت .

يقول السيستاني الشيعي : ( فصل في غسل الجنابة وهي تحصل بأمرين  :الأول : خروج المني ولو في حال النوم أو الاضطرار وإن كان بمقدار رأس إبرة ، سواء كان بالوطء أو بغيره مع الشهوة أو بدونها جامعاً للصفات أو فاقداً لها مع العلم بكونه منياً ، وفي حكمه الرطوبة المشتبهة الخارجة بعد الغسل مع عدم الاستبراء بالبول ، ولا فرق بين خروجه من المخرج المعتاد أو غيره ، والمعتبر خروجه إلى خارج البدن ، فلو تحرك من محله ولم يخرج لم يوجب الجنابة ، وإن كان منه ، فلو خرج من المرأة مني الرجل لا يوجب جنابتها إلا مع العلم باختلاطه بمنيها ، وإذا شك في خارج أنه مني أم لا اختبر بالصفات من الدفق والفتور والشهوة ، فمع اجتماع هذه الصفات يحكم بكونه منياً وإن لم يعلم بذلك ، ومع عدم اجتماعها ولو بفقد منها لا يحكم به إلا إذا حصل العلم ، وفي المرأة والمريض يكفي اجتماع صفتين وهما الشهوة والفتور. الثاني :الجماع وإن لم ينزل ولو بإدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها في القبل أو الدبر من غير فرق بين الواطئ والموطوء والرجل والمرأة والصغير والكبير والحي والميت والاختيار والاضطرار في النوم أو اليقظة حتى لو أدخلت حشفة طفل رضيع فإنهما يجنبان ، وكذا لو أدخل ذكر ميت أو أدخل في ميت ، والأحوط في وطء البهائم من غير إنزال الجمع بين الغسل والوضوء إن كان سابقاً محدثاً بالأصغر ، والوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة دون قبلها مع الإنزال فيجب الغسل عليه دونها إلا أن تنزل هي أيضاً ، ولو أدخلت الخنثى في الرجل أو الأنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الواطىء ولا على الموطوء ، وإذا دخل الرجل بالخنثى والخنثى بالأنثى وجب الغسل على الخنثى دون الرجل والأنثى ) . انتهى .

وأقول : الحمد لله على الهداية والعقل , هل هذا التخريف دين ؟

ولكن ما دامت الفرق الضالة تركت دينها وتطرقت لهذه الأشياء وافترت أريد أن أسأل عدة أسئلة بجانب الأسئلة السابقة :

لماذا لا توجبون الاغتسال من الإيلاج في الفم قياساُ على الاغتسال من الإيلاج في الفرج كما توجبون  الاغتسال من الإيلاج في الدبر قياساً على الاغتسال من الإيلاج في الفرج  ؟

هل تفسير الجنابة بالإنزال والجماع والحيض والنفاس والموت يصح لساناً ؟

لا يوجد هذا في اللسان العربي .

هل تفسير الجنابة بالإنزال والجماع والحيض والنفاس والموت يصح قرآناً ؟

لا يصح , لأننا لو قلنا مثلما قالت الفرق الضالة لصرنا حمقى , فهذا التفسير لا يستقيم , لأنه سيصير كما يلي : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا منزلين أو مجامعين أو حوائض أو نفساوات أو موتى إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا ) .

والسؤال : هل عابر السبيل يجامع ؟

هل تحرموا على الحيَّض الصلاة وهن في بيوتهن بينما توجبونها عليهن وهن عابرات سبيل ؟

هل التطهر يعني الاستحمام ؟

قال الله : " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [البقرة : 222]

والسؤال : هل التطهر من الحيض يعني الاستحمام ؟

هل توجبون على التي انقطع عنها الدم الاستحمام قبل الجماع ثم الاستحمام بعده ؟

إنكم توجبون الاستحمام على الحائض وعلى التي جامعها زوجها أو أنزلت , ومن ثم ستستحم هذه المرأة مرتين .

هل تحرموا على النفساوات الصلاة وهن في بيوتهن بينما توجبونها عليهن وهن عابرات سبيل ؟

هل الميت يصلي عندكم ؟ هل تمنعون موتاكم من الصلاة إذا ماتوا في بيوتهم , بينما تلزمون من مات وهو عابر للسبيل بالصلاة ؟

هذا كلام مجانين .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثانياً : الجنب في القرآن :

سأذكر فيما يلي الآيات التي فيها مادة جنب :

قال الله : " وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [يونس : 12]

لجنبه أي مضطجعاً لجنبه , والجنب هنا هو العضو .

قال الله : " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ " [الزمر : 56]

جنب الله أي أمر الله وحق الله .

تنبيه : ليس المراد بجنب الله جزء أو عضو , قال ابن تيمية : ( فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أنْ يكون المضاف إلى الله صفة له، بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق؛ كقولـه تعالى: بَيْت الله، ناقَةَ الله، وعِبَادَ الله، بل وكذلك رُوح الله  ... ) .

قال الله : " وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا " [النساء : 36]

فالجار الجنب ليس الجار الذي أنزل فيك أو لامسك أو جارك الحائض أو النفساء أو الميت , بل هو ضد الجار ذي القربى أي جارك من قوم آخرين أو الجار البعيد الذي لا قرابة بينك وبينه أو الجار الغريب أو الجار البعيد في النسب .

والصاحب بالجَنْبِ أي الصاحب إلى الجنب , ويشمل صاحبك في السفر , وصاحبك الذي يلزمك ويصحبك رَجاء نفعك , وامرأتك .

قال الله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا " [النساء : 43]

فالآية فرقت بين الجُنُب وبين من لامسوا النساء , فأمرت الجنب بالاغتسال , وجعلت من لامسوا النساء مثل من جاؤوا من الغائط في الحكم .

قال الله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [المائدة : 6]

إن إيجاب الاغتسال بعد الجماع أو الإنزال أو الحيض أو النفاس أو الموت فيه حرج ومشقة على الذي جامع وأنزل وحاضت ونفست وعلى أهل الميت .

والآية فرقت بين الجَنْب وملامسة النساء , فأمرت الجُنُب بالتطهر , بينما جعلت من لامسوا النساء مثل من جاؤوا من الغائط .

قال الله : " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ " [إبراهيم : 35]

واجنبني أي نحني وابعدني وليس اجعلني أنزل أو اجعلني ألامس أو أحيض أو أموت .

قال الله : " وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " [القصص : 11]

فبصرت به عن جنب أي عن بعد أو عن مكان بعيد , وليس المعنى أنها بصرت به وهي منزلة أو ملامسة للرجال أو حائض أو نفساء أو ميتة .

قال الله : " سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) " ( الأعلى ) .

ويتجنبها أي يبتعد عنها ولا يقترب منها , وليس المراد أنه سينزل عليها أو يلامسها أو يحيض وينفس عليها أو يموت فيها .

قال الله : " فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) " ( الليل ) .

وسيجنبها الأتقى أي سيباعد عنها وليس المراد أنه سينزل عليها أو سيكون ملامساً لها أو سيحيض وينفس عليها أو سيموت فيها .

قال الله : " إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا " [النساء : 31]

أي تبتعدوا عن الكبائر ولا تقربوها ولا تقترفوها , وليس المراد أن تنزلوا على الكبائر أو تلامسوها أو تحيضوا وتنفسوا عليها أو تموتوا فيها .

قال الله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [المائدة : 90]

فاجتنبوه أي فابتعدوا عنه ولا تقتربوا منه ولا تقترفوه , وليس المراد فأنزلوا عليه أو لامسوه أو حيضوا وانفسوا عليه أو موتوا فيه .

قال الله : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ " [النحل : 36]

واجتنبوا الطاغوت أي ابتعدوا عنه ولا تقربوه ولا تعبدوه , وليس المراد وأنزلوا عليه أو لامسوه أو حيضوا وانفسوا عليه أو موتوا فيه .

قال الله : " ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ " [الحج : 30]

 أي فابتعدوا عن الرجس من الأوثان وقول الزور ولا تقربوهما , وليس المراد فأنزلوا عليهما أو لامسوهما أو حيضوا وانفسوا عليهما أو موتوا فيهما .

قال الله : " وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ " [الزمر : 17]

اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها أي ابتعدوا عنها ولم يقربوها ولم يعبدوها , وليس المراد وأنزلوا عليها أو لامسوها أو حاضوا ونفسوا عليها أو ماتوا فيها .

قال الله : " وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ " [الشورى : 37]

قال الله : " الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى " [النجم : 32]

يجتنبون كبائر الإثم والفواحش أي يبتعدون عنها ولا يقربوها , وليس المراد وينزلون عليها أو يلامسوها أو يحيضون وينفسون عليها أو يموتون فيها .

قال الله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ " [الحجرات : 12]

اجتنبوا كثيراً من الظن أي ابتعدوا ولا تقربوا , وليس المراد أنزلوا على كثير من الظن أو لامسوه أو حيضوا وانفسوا عليه أو موتوا فيه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثالثاً : الجنب في اللسان العربي :

قال الطبري : (( وبعد، فإن " الجُنب "، في كلام العرب: البعيد، كما قال أعشى بني قيس: أَتَيْــتُ حُرَيْثًـا زَائِـرًا عَـنْ جَنَابَـةٍ فَكـانَ حُـرَيْثٌ فِـي عَطَـائِي جَـامِدَا يعني بقوله: " عن جنابة "، عن بعد وغُربة. ومنه، قيل "اجتنب فلان فلانًا "، إذا بعد منه = "وتجنّبه "، و " جنَّبه خيره "، إذا منعه إياه.   ومنه قيل للجنب "جُنُب "، لاعتزاله الصلاة حتى يغتسل. فمعنى ذلك: والجار المجانب للقرابة )) . ( تفسير الطبري  ) .

وأنقل لكم من الشبكة ما يلي :

جَنَب الخيل : إذا قاد بعضها إلى جنب بعض .

جَنُبَ : بَعُد 

جَنُبَ : تقربّ 

جُنُب ( اسم ) , وجمعه : أجناب 

الجُنُب : البعيد 

جُنُب : فاعل من جَنُبَ

جُنُب ( اسم ) : جمع جَنيب

جَنيب ( اسم ) , وجمعهجُنُبٌ 

الجَنِيبُ : المَقُودُ إلى الجنْب من الخَيْل وغيرها 

جنيب : طائع منقاد 

الجَنِيبُ : الغَريب 

جَنب : جنب - يجنب ويجنب ويجنب ، جنابة أي تنجس وتوسخ

وجنَّبَهُ الشيء تجنيباً أي نحاه عنه ومنه قوله تعالى " واجنبني وبني أن نعبد الأصنام "

جنَّب المشاغبين أبعدهم :- جنَّب الأستاذُ مثيري الشَّغَب

جنَّبه الخطرَ : نحَّاه عنه ، أبعده عنه 

ورجل أجنَبِيٌّ و أجْنَبَ و جُنُبٌ و جانِبٌ بمعنى

ورجل جُنُبٌ من الجَنَابةِ سواء فرده وجمعه ومؤنثه وربما قالوا في جمعه أجْنَابٌ و جُنُبُونَ تقول منه أجْنَبَ و جَنُبَ .

و الجَنَابُ بالفتح الفناء وما قرب من محلة القوم

الأجْنَبُ : البعيد في القرابة أو في الغُربة 

الأجْنَبُ الذي لا يَنْقَاد والجمع : أجانب

أجنبي : 
زائر أو مقيم ببلد لا ينتمي إليه   , غريب عن الأمة ، إنْسَانٌ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ , جمعه : أجانب .

ويقال : هو أجَنبيّ من هذا الأمر : لا تعلُّقَ له به ولا معرفةَ

أَجْنَبَ ( فعل ) : تباعَدَ 

أجْنَبَ : مرَّت عليه ريحُ الجَنُوب 

أجْنَبَ : صَار جُنُباً 

أجْنَبَ فلاناً الشيء : نَحَّاهُ عنه

أجْنَبُ: ( اسم ) , الأجْنَبُ : البعيد في القرابة أو في الغُربة .

الأجْنَبُ الذي لا يَنْقَاد , والجمع : أجانب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رابعاً : رأيي في الجُنُب والجَنْب والجنابة والاجتناب والتجنيب :

قال الله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا " [النساء : 43]

فالآية فرقت بين الجُنُب وبين من لامسوا النساء , فأمرت الجنب بالاغتسال , وجعلت من لامسوا النساء مثل من جاؤوا من الغائط في الحكم .

قال الله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [المائدة : 6]

إن إيجاب الاغتسال بعد الجماع أو الإنزال أو الحيض أو النفاس أو الموت فيه حرج ومشقة على الذي جامع وعلى الذي أنزل وعلى التي حاضت وعلى التي نفست وعلى أهل الميت .

والآية فرقت بين الجَنْب ( الجنابة ) وملامسة النساء , فأمرت الجُنُب بالتطهر , بينما جعلت من لامسوا النساء مثل من جاؤوا من الغائط .

والحق الذي أراه هو أن الجَنْب ( الجنابة ) هي ما يجتنب منه أو يبتعد عنه وما يستقذر , ومنها النجاسة والقذارة , وهذا هو ما يوافق القرآن واللسان العربي , ومن ثم فإن الجُنُب تعني البعيدون والمجتنِبون , أي البعيدون أو مجتنبو الصلاة , ولا يجتنب الإنسان الصلاة إلا من أجل القذارة أو النجاسة أو ما يجتنب منه أو يبتعد عنه , فالله أمرنا بأخذ الزينة عند كل مسجد , قال الله : " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " [الأعراف : 31] , وقال الله : " وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ " [المدثر : 4]

إن التطهر أو الاغتسال من الجنابة يكون قبل الوضوء , وهذا هو الحال في النجاسات وما يجتنب أو يبتعد عنه وما يستقذر منه , وهذا هو ما يقبله العقل , أما من يفسر الجنابة بالإنزال أو الجماع أو الحيض أو النفاس أو الموت ثم يجعل الوضوء قبل الغسل ويجعل الغسل بماء فقط فهذا ضلال مبين , وظلمات بعضها فوق بعض , وهل الماء فقط يزيل كل ما يجتنب أو يستقذر؟

إن الجنْب أو الجنابة هي القذر وما يجتنبه الناس ويبتعدون عنه , والاجتناب هو الابتعاد , والجنيب هو البعيد , والجُنُب هم البعيدون أو القذِرون أو الأنجاس , حتى أن العوام يصفون الرجل الذي يكرهون صفاته ويبتعدون عنه بالبعيد .

لذا فالاستنجاء شكل من أشكال التطهر من الجنابة , لأن البول والبراز قذران ويجتنب منهما ويبتعد عنهما , وإزالة العرق شكل من أشكال التطهر من الجنابة , وإزالة زيوت الآلات والماكينات شكل من أشكال التطهر من الجنابة .

إن جنابة المؤمن هي الوصف المقابل لنجاسة المشرك , قال الله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " [التوبة : 28] .

فالمؤمن المصاب بقذارة هو طاهر من الداخل جنيب من الخارج , بينما المشرك نجس من الداخل , فإذا أصيب بقذارة كان نجساً من الداخل جنيباً من الخارج .

والمتدبر لآية سورة النساء سيعلم أن الجنابة متعلقة ومرتبطة بعبور السبيل , وليست مرتبطة بالإنزال أو الجماع أو الحيض أو النفاس أو الموت .

والسؤال :

ما علاقة الجنابة بعبور السبيل ؟

ولماذا استثنى الله عابر السبيل من الاغتسال من الجنابة ولم يستثن المريض ؟

إن عابر السبيل يسافر بعيداً عن مواطن الماء , كما يكون محتاجاً ويلبس لباساً واحداً , فإذا تدنس جسده أو ثيابه فيُشق عليه التطهر , وليس كل مسافر عابراً للسبيل , فقد يكون المسافر غنياً ومعه أمتعته .

أما المريض فيطهره أهله , فإن كان ذلك سيضره فلا غسل عليه , وأما الغني الذي لم يجد ماء فعنده لباس آخر .

أي أن الجنب العابر السبيل ليس عليه اغتسال حتى تزول عنه صفة عبور السبيل .

ولقد ضلت الفرق الضالة حينما اتبعوا الآثار وتركوا كتاب ربهم واللسان العربي , مما أصابهم بالمشقة والحرج بل والفضائح , قال الله : " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) " ( طه ) . , وقال الله : " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [النحل : 97]

قال زهير قوطرش في تعليقه على ما كتبته عفاف صبري على موق أهل القرآن في   الثلاثاء 22 مايو 2007 : ( أختي الفاضلة. منذ عشرات السنين ،وأنا أفكر في هذا الموضوع، وكنت دائماً أصل الى ماوصلت أليه، وأنا في الحقيقة مقتنع تمام الاقتناع بأن ما ذهبت أليه في موضوع الاغتسال ،وشرح موضوع الجنابة لاغبار عليه.حتى أن أحد الاصدقاء مرة قال لي : يا أخي خذني على علاتي أنا إنسان بسيط ،وأعيش في بيت فقير، لايوجد لدينا ماء ساخن،وكنت إذا مارست الجنس مع زوجتي كان عليها أن توقظ البيت كله كي تسخن لي الماء حتى أغتسل.وأضاف لو كان لديك كيس فيه طماطم ووجدت واحدة متسخة هل تغسل كل الكمية أم تغسل المتسخة فقط... أجبته لاتدخل في التفاصيل أرجوك ،أفعل ما تراه مناسباً ..لكنه أضاف :لدي سؤال أخير أيهما أنجس الغائط أم المني..قلت له الغائط ...اجاب ولماذا لانغتسل بعد الغائط؟ هذه الاسئلة البسيطة جعلتني من حينها أفكر بالموضوع... لكننا مثقلون بتراث لايرحم..... وشيوخ جمدت عقولهم.... بعد ذلك تحدثت الى طبيب نسائية وسألته عن رايه في موضوع الاغتسال... قال لي خذ الامر في زمانه ومكانه... الرجال قديماً وبالغالب كانوا متزوجين بأكثر من زوجة...وقد وجدنا الآن أن المراة التي تعاني من التهاب مهبلي ،وفي حال ممارسة الزوج معها والانتقال الى ممارسة الجنس مع الأخرى بدون الغسل أو الاغتسال فأنه ينقل إليها المرض...لهذا لاأرى مشكلة في موضوع النظافة والاغتسال...لكن يكفي غسل العضو...وكما تري كل الاراء تصب الى ما توصلت إليه... ولكن كم كنت أرغب لو أن النظافة والاغتسال تكون قبل العملية الجنسية ايضا، وشكرا لك ) . ( موقع أهل القرآن , حكم الجنابة , عفاف صبري في الإثنين 21 مايو 2007 ,http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=1834 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والخلاصة :

لقد صار أعظم دين أضل وأفضح دين بسبب جهل وافتراء وآثار الفرق الضالة , فمن لامس امرأته سيعلم مَن بالبيت بذلك لأنهم سيغتسلون وفي أوقات لا يغتسل فيها أحد مثل الفجر والليل , وصار الأمر الذي وجب كتمانه معلوماً بسبب آثار المجاهيل والمغفلين والمدلسين والوضاعين .

ولقد كان يستنكر المسيحيون على المسلمين الاغتسال بعد الجماع , وسمعت منذ سنوات أن بعضهم قال : لو أنك تحمل قفصاً من خيار , ثم سقطت خيارة , فهل ستغسل القفص ؟

وأقول : هذا قياس صحيح , موافق للقرآن والعقل والحكمة , ولا يزعم بخلافه إلا أحمق , ولقد اهتدى غير المسلمين للحق في هذه المسألة لما تدبروا وتفكروا واتبعوا العقل كما أمرنا الله , بينما ضلت الفرق الضالة حينما اتبعوا الآثار المكذوبة ولم يتدبروا أو يتفكروا وألغوا عقولهم .

قال الله : " أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ " [المؤمنون : 68]

وقال الله : " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ " [ص : 29]

وقال الله : " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا " [النساء : 82]

وقال الله : " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا " [محمد : 24]

وقال الله : " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ " [البقرة : 219]

وقال الله : " أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ " [البقرة : 266]

وقال الله : " قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ " [الأنعام : 50]

وقال الله : " وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " [الأعراف : 176]

وقال الله : " إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [يونس : 24]

وقال الله : " وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الرعد : 3]

وقال الله : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) " ( النحل ) .

وقال الله : " وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) " ( النحل ) .

وقال الله : " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الروم : 21]

وقال الله : " اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الزمر : 42]

وقال الله : " وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الجاثية : 13]

وقال الله : " لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " [الحشر : 21]

وفي الختام أقول :

لقد أنزل الله القرآن بلسان عربي مبين , والسؤال : ما بال الفرق الضالة قد خالفت اللسان العربي وحرفت دين الله ؟

وبرغم بطلان حجية الآثار أتحدى الفرق الضالة أن تأتي بأثر سنده صحيح يزعم أن الجنابة هي الإنزال أو الجماع أو الحيض أو النفاس أو الموت ؟

ــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله رب العالمين


هناك 10 تعليقات:

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  3. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  4. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  5. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  6. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  7. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  8. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  9. عابر سبيل معني بالتيمم فهو عابر طريق يعني ليس من اهل المكان فيكون عليه التيمم والجنب يؤخذ في سياق الآيات والجنب معناه من تنجس بدون ملامسة النساء

    ردحذف
  10. إذا فاتتنا صلاة العشاء مثلا هل يجب أن نقضيها؟
    إذا كان الجواب نعم فمتى؟
    و بارك الله فيكم على هذا الاجتهاد.

    ردحذف