الأربعاء، 11 مارس 2015

الأدلة التي نزلت بعد سورة الروم

رسالة : بيان الصلاة التي أمر الله بها عباده


فصل : الأدلة التي نزلت بعد سورة الروم

كتب : محمد الأنور آل كيال

يفسر المحرفون سورة الروم على هواهم فيزعم بعضهم وجود أربعة أوقات بينما يزعم البعض الآخر أنهم خمسة أوقات , ولقد استدلوا بأثر باطل رووه عن ابن عباس , ولقد حققت هذا الأثر بالتفصيل وبينت بطلانه , انظر فصل "بطلان الآثار الواردة عن ابن عباس وغيره من الصحابة في تفسير سورة الروم" , وفصل "تحريف المفسرين وفساد التفاسير" فضلاً عن أنه لو صح عن ابن عباس لما كان حجة أصلاً ولا يصلح أن يكون دليلاً فلا يجوز أن نترك كلام الخالق ونتعبد بكلام الخلق .

ولقد ذكرت في فصل "الأدلة من القرآن" الآيات ورتبتها حسب النزول عند الأثريين ,  وأكرر هنا أدلة الصلاة التي نزلت بعد سورة الروم مع حذف تعليقاتي على تلك الأدلة , حتى يتبين الأمر للقارئ ويعلم ما هو الدليل المتقدم من المتأخر , ولا يقلد من يوهمه أن آيات الغدو والعشي متقدمة وأن سورة الروم وما بعدها متأخرة وفيها خمس صلوات , بل إن الآيات التي نزلت بعد الروم لم تزد عن ثلاث صلوات , فلو كان ما يزعمونه حقاً لكانت الآيات التي نزلت بعد سورة الروم بها خمس صلوات , وهذا لم يحدث .

الأدلة التي نزلت بعد سورة الروم هي :

الدليل الثامن والعشرون : قال تعالى : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239) " ( البقرة ) .

الدليل التاسع والعشرون : قال تعالى : " قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ " [آل عمران : 41]

 الدليل الثلاثون : قال تعالى : " لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ " [آل عمران : 113]

الدليل الحادي والثلاثون : قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44) " ( الأحزاب )

الدليل الثاني والثلاثون : قوله تعالى : " وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ " [الرعد : 15]

الدليل الثالث والثلاثون : قوله تعالى : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) " ( الإنسان ) .

الدليل الرابع والثلاثون : قوله تعالى : " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) " ( النور ) .

الدليل الخامس والثلاثون : قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " [النور : 58] .

الدليل السادس والثلاثون : قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) " ( سورة الجمعة ) .

الدليل السابع والثلاثون : قال تعالى : " إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) " ( الفتح ) .

فلقد ذكر الله تعالى في الآيات السابقة ثلاثة أوقات فقط وهي : وقت صلاة الفجر , وقت صلاة العشاء , وقت صلاة الليل , ومن المعلوم عند الأثريين أن سورة الفتح من أواخر السور التي نزلت , أي أنها بعد حادثة الإسراء بسنوات , وبعد نزول سورة الروم أيضاً , فهل يستطيع محرف كذاب أن يزعم أن سورة الفتح منسوخة ؟

إن من المعلوم لكل باحث أن من دلائل الوضع هو تعارض التواريخ أو فسادها .

والسؤال : هل سورة الروم متقدمة أم متأخرة عن آيات الصلاة ؟

إن سورة الروم نزلت بين آيات الصلاة , أي توجد آيات عديدة قد نزلت قبل نزول سورة الروم , كما توجد آيات عديدة قد نزلت بعدها , والىيات التي نزلت قبل سورة الروم تفيد بثلاث صلوات , وكذلك الآيات التي نزلت بعد سورة الروم تفيد بثلاث صلوات .

ولا يجرؤ عاقل أن يقول أن تفسير ابن عباس المزعوم ناسخ لمدة أيام للآيات التي نزلت قبل سورة الروم , ثم صار منسوخاً بالآيات التي نزلت بعدها والتي ذكرتها عالياً .

لأن هذا الزعم معارض للحكمة , فالدين حكيم من رب حكيم , وليس لعباً أو لهواً أو اضطراباً , فضلاً عن أن الناسخ لا بد له من شروط منها أن يكون آية وليس أثراً موقوفاً موضوعاً .

لذا لا يجرؤ عاقل أن يزعم أن تفسير ابن عباس الموضوع ناسخ ثم منسوخ .

كما لا يجرؤ عاقل أن يزعم أن تفسير ابن عباس ناسخ لما قبله وما بعده , إذ كيف ينسخ المتقدم المتأخر ؟

والعجيب أن هذا حال أغلب الأمة اليوم , فلم يفطنوا إلى الآيات التي نزلت بعد سورة الروم , ولم يحققوا أثر ابن عباس .

أما العاقل الأمين فإنه يتبين قبل إيمانه ويحقق وسيهديه الله تعالى وسيعلم بطلان هذا الأثر المشؤوم سنداً ومتناً ومخالفته للآيات التي قبله والآيات التي بعده , فضلاً عن أن رأي ابن عباس إن صح فليس بحجة أو دليل , فنحن عباد لله تعالى ولسنا عبيداً لابن عباس , والله تعالى خلقنا لنتبع كلامه وليس كلام خلقه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله رب العالمين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق