الأحد، 14 يونيو 2015

إلى أخي جميل القدسي دويك في مسألة عدد الوجبات

بيان الصلاة التي أمر الله بها عباده

كتب : محمد الأنور ( أبو عبد الله المدني , تبيين الحق ) :

إلى أخي جميل القدسي دويك في مسألة عدد الوجبات

أخونا جميل القدسي دويك عالم بالطب , ولقد اجتهد ففتح الله تعالى عليه في أمور كثيرة ولكني أرى أنه أخطأ في بعض الأمور , وليس منا أحد إلا وله أخطاء , فالإنسان ليس بمعصوم , ولكن يكفي له شرف الاجتهاد ـ الذي تقاعس عنه مليارات من المقلدة ـ ومن ثم إصابته للحق في الكثير من الأمور والخطأ في القليل , وأسأل الله تعالى أن يهدينا إلى الحق وأن يرضي عنا .

لقد استدل أخونا جميل على مواقيت الوجبات وأعدادها بقوله تعالى : " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " [الأعراف : 31] .

لذا جعل أخونا جميل تناول الطعام والشراب وقت الصلوات , وهو يرى أن الصلوات خمس صلوات , لذا جعل الوجبات خمس وجبات , وهذا خطأ .

فالصلوات ثلاث , فرضان ونافلة كما في القرآن , وهن :

الصلاة الأولى : الفجر أو الغدو أو الغداة أو الإبكار أو البكور أو البكرة أو الصبح أو الفلق , وهي فرض .

الصلاة الثانية : العِشاء أو العشي أو الأصيل أو الآصال أو العصر , وهي فرض .

الصلاة الثالثة : التهجد أو قيام الليل , وهي نافلة .

وإذا استدللنا على مواقيت وعدد الوجبات بقوله تعالى : " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " [الأعراف : 31] , فستكون عدد الوجبات ثلاث , وهي :

الوجبة الأولى : وجبة الغَداء وهي وجبة وقت الغدو أو الغداة أو الفجر أو الإبكار أو البكور أو البكرة أو الصبح أو الفلق .

ولقد حدث تحريف وتبديل عند العوام حيث يطلقون وجبة الغَداء على وجبة وقت الظهيرة أو وقت العصر وهذا خطأ , فكلمة الغَداء من الغدو وليست من الظهيرة أو الهاجرة أو العِشاء أو العشي أو الأصيل أو الآصال أو العصر .

وكما هو معلوم فإن اسم الوجبة يشتق من وقتها وليس من وقت آخر , فالسُّحُورُ : طعامُ السَّحَر وشرابُه , والغَداء : طعام الغدو وشرابه , والعَشاء : طعام العشي وشرابه .

الوجبة الثانية : وجبة العَشاء وهي وجبة وقت العشي أو الأصيل أو الآصال أو العصر .

ولقد حدث تحريف وتبديل عند العوام , حيث يطلقون وجبة العَشاء على وجبة الليل ( وقت الغسق والعتمة وبقية أوقات الليل ) , وهذا خطأ , فالعَشاء من العشي وليس من الغسق أو العتمة أو السحر .

وإني أتعجب من أن بعض البلاد الأعجمية ما زالت تتناول وجبة العَشاء في آخر النهار , بينما حرفت البلاد العربية معنى هذه الكلمة ووقتها , فجعلوها وجبة الليل .

ولقد حدث تحريف لمعنى وجبة العَشاء كما حدث تحريف لمعنى صلاة العِشاء , فلقد ابتدع الجهلاء الصلاة وقت العتمة ثم حرفوا اسمها فسموها صلاة العِشاء , وهذا باطل , فالعِشاء من العشي وليست من العتمة , وصلاة العِشاء هي صلاة العشي والأصيل والآصال والعصر , ولقد استدلوا على هذا التحريف بآثار مكذوبة , قد حققتها في هذه الرسالة .

الوجبة الثالثة : وجبة الليل أو التهجد .

قال تعالى : " وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا " ( الإسراء : 79 ) " .

فصلاة الليل تصلى تهجداً أي بعد الاستيقاظ من النوم .

وإذا استدللنا بقوله تعالى : " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " [الأعراف : 31] , فستكون الوجبة الثالثة عند صلاة الليل , وكلمة مسجد تعني مكان السجود أو وقت السجود .

ولقد علم الناس أن الأفضل هو ثلاث وجبات وليس خمساً , لأن إدخال الطعام على الطعام ضار , كما أنه يخالف الآية نفسها لأنه من الإسراف , والسؤال : هل من الحكمة الوجبة وقت الغسق ثم تليها وجبة أخرى وقت العتمة بأقل من ساعتين ؟

والسؤال : هل تم هضم الطعام ؟ هل جاع الإنسان ؟ أليس هذا ضاراً بالإنسان ؟

والخلاصة : إذا ربط الإنسان بين وجباته وصلاته فسيأكل ثلاث وجبات في اليوم والليلة , وليس خمساً .

أما في رمضان فقد تم تحديد أوقات الوجبات صراحة , قال تعالى : " أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " [البقرة : 187] .

فالوجبة الأولى وهي السحور ستكون وقت السَّحر قبيل الفجر .

والوجبة الثانية وهي الإفطار أو الفطور فستكون وقت الغسق بعد غروب الشمس مباشرة .

تنبيه : هذه الوجبة لم تسم باسم وقت الغسق بل اشتق لها اسم من كلمة الفطر , ومن معاني الفطر الابتداء والقطع , فطَر الشَّيءَ : اخترعه ، أوجده ، أنشأه ، ابتدأه , قطعه , شقه  ,  فطر الله الخلق : خلقهم ، قال تعالى : " إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ " , وقال تعالى : " الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ " .

كما أن من معاني الفطر : الشق والصدع والقطع , فطر الصّائم أكل وشرب ، قطع صيامه بتناول الطعام .

لذلك سميت الوجبة في أول النهار بالفطور والإفطار لأنها أول وجبة بالنهار , وكذلك سميت وجبة الصائم بعد غروب الشمس بالفطور والإفطار لأنها أول وجبة ليلاً , أو أول وجبة له بعد صيامه .

الفَطُورُ بفتح الفاء : 1 ـ تناول الطعام الأول في الصباح  , 2 ـ تناولُ الصائم طَعامَهُ بعد غروب الشمس , 3 ـ ما يفطر عليه .

الإفطار : 1 ـ طعام الصباح ( أول وجبة طعام في اليوم تُؤكل في العادة صباحًا ) , 2 ـ طعام الصائم بعد غروب الشمس .

الفُطُور بضم الفاء : 1 ـ جمع فَطر , 2 ـ مصدر فطَرَ

عيد الفطر هو الأول من شوال ، وهو اليوم الأول الذي يبدأ به الإفطار للصائمين , وهو اليوم الذي يقطع فيه المسلمون صيامهم , ولذا سمي بعيد الفطر .

وإذا استدللنا بقوله تعالى : " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " [الأعراف : 31] , على الوجبات فستكون الوجبة الثالثة وقت التهجد , كما في غير رمضان .

فضلاً عن أن أخانا جميل لم يأخذ صلاة الليل في الحسبان , وهذا خطأ , قال تعالى : " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " [الأعراف : 31] .

ومعنى المسجد هو مكان السجود ووقت السجود , ولو ربطنا بين الوجبات وبين الصلوات وجب أخذ قيام الليل في الحسبان لأنه من الصلوات .

لذا فمن أخطأ أولاً وجعل الصلوات المفروضة خمساً , ثم ربط بين الوجبات والصلوات فجعل الوجبات خمساً فقد أخطأ ثانية , لأنه قد أغفل قيام الليل , وكان يلزمه أن تكون ست وجبات وليست خمساً , وهذا العدد لن يقوله أحد ولن ينصح به أحد .

ولكن الحق في عدد الصلوات أنها ثلاث صلوات , فرضان ونافلة , والأفضل في عدد الوجبات أنها ثلاث وجبات مثل الصلوات .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق