رسالة : بيان الصلاة التي أمر الله بها عباده
فصل : الأدلة من القرآن
كتب : محمد
الأنور ( أبو عبد الله المدني , تببين الحق ) :
التاريخ : 5 / 2 / 2015 م
لقد أمرنا
الله تعالى بإقامة ثلاث صلوات , وهي :
الصلاة
الأولى : صلاة الفجر أو الغدو أو الغداة أو الإبكار أو البكور أو البكرة أو الإشراق
أو الصبح أو الفلق , ووقتها هو الطرف الأول للنهار , وبالتحديد من طلوع
الفجر حتى شروق الشمس , وهي فرض ويصليها الرجال في المساجد .
الصلاة
الثانية : صلاة العشاء أو العشي أو الأصيل أو الآصال , ووقتها هو الطرف الآخر
للنهار , أي قبيل الغروب , وبالتحديد من ميل الشمس إلى الغروب حتى غروبها , وهي
فرض ويصليها الرجال في المساجد .
الصلاة
الثالثة : صلاة الليل أو قيام الليل أو التهجد , والليل يبدأ من غروب الشمس إلى
طلوع الفجر .
قال تعالى : " أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " [البقرة : 187]
فالصيام يبدأ من طلوع الفجر ( بيان ضوء النهار من ظلمة الليل ) وينتهي بدخول الليل أي غروب الشمس .
أي أن وقت صلاة الليل من غروب الشمس ( الغسق ) إلى طلوع الفجر ( الفلق ) , وهي نافلة وتصلى في البيت وليس في المسجد .
أي أن صلاة
الغسق ـ بعد الغروب مباشرة , والتي يسميها المحرفون بصلاة المغرب ـ هي من صلاة
الليل , وأن صلاة العتمة ـ التي يسميها المحرفون بصلاة العشاء ـ هي من صلاة الليل
, مثلهما مثل الصلاة في منتصف الليل أو الصلاة وقت السحر .
تنبيه : يطلق
البعض على الفجر بالشفق بينما البعض يجعله اللون الأحمر وقت الغسق .
وفيما يلي
الأدلة على ذلك :
أولاً : القرآن
ولقد رتبت
الأدلة على حسب النزول حتى تكون حجة على المحرفين الذين يزعمون أن الصلاة فرضت في
الإسراء , رغم وجود آيات كثيرة تأمر بالصلاة قبل تاريخ الإسراء , وحجة على
المحرفين الذين يزعمون إلغاء ( نسخ ) آيات الصلاة في ليلة الإسراء , رغم وجود أدلة
كثيرة نزلت بعد تاريخ الإسراء .
الدليل الأول : قال
الله : " أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)
أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ
إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ
خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا
لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) " ( العلق ) .
وسورة العلق
هي السورة رقم 1 حسب النزول عند الأثريين .
فالصلاة
مفروضة من بداية البعثة وليست من تاريخ الإسراء .
الدليل الثاني : قال الله : " إِنَّ
لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ
كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ
فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ
أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا
تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ
فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ
سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً
أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ
وَهُمْ سَالِمُونَ (43) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ
سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ
كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ
(46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ
رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)
لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ
مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50) وَإِنْ
يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا
الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ
لِلْعَالَمِينَ (52) " ( القلم ) .
وسورة القلم هي السورة رقم 2 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الثالث :
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا
قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ
وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا
(5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ
لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ
إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا
جَمِيلًا (10) " ( المزمل ) .
وسورة المزمل
هي السورة رقم 3 حسب النزول عند الأثريين .
ومن تفاسير
السنيين لقوله تعالى : " إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا "
:
قيل : إن لك
يا محمد في النهار فراغا طويلا تتسع به، وتتقلَّب فيه .
وقيل : إن لك
في النهار تصرفا وتقلبا في مهماتك فلا تتفرغ لخدمة الله إلا بالليل ، فلهذا السبب
أمرتك بالصلاة في الليل .
والسؤال : هل
يستقيم تفسيرهم مع صلاة الظهر التي في وسط النهار ؟
وهل يستقيم
فهمهم مع صلاة العصر التي قبل الطرف الآخر للنهار بعدة ساعات ؟
فأين ذلك
التفرغ الكبير الحادث في النهار ؟
إن فرض صلاة في منتصف النهار وصلاة قبل الغروب بعدة ساعات يتعارض مع هذه الآية .
الدليل الرابع :
قال تعالى : " إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ
اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ
يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ
فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ
مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ
وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا
وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ
خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ " [المزمل : 20]
وسورة المزمل
هي السورة رقم 3 حسب النزول عند الأثريين .
الدليل الخامس : قال الله : " أَرَأَيْتَ
الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا
يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ
هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ
الْمَاعُونَ (7) " . ( سورة الماعون ) .
وسورة الماعون هي السورة رقم 17 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل السادس : قال الله : "
أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60)
وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62) " ( النجم
) .
وسورة النجم هي السورة رقم 23 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل السابع : قال الله : " وَيْلٌ
يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (45) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ
مُجْرِمُونَ (46) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (47) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ
ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49)
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) " ( المرسلات ) .
وسورة المرسلات هي السورة رقم 33 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الثامن :
قال تعالى : " فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) " ( ق )
وسورة ق هي
السورة رقم 34 حسب النزول عند الأثريين .
الدليل التاسع :
قال تعالى : " اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ
ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ
يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ
أَوَّابٌ (19) ( ص ) .
وسورة ص هي
السورة رقم 38 حسب النزول عند الأثريين .
وهذا من شرع
من قبلنا , وهو يوافق شرعنا .
الدليل العاشر : قال الله : " وَهَلْ
أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى
دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى
بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ
الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ
نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ
لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ
الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا
فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا
لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (25) يَا دَاوُودُ
إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ
وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ
يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ
الْحِسَابِ (26) " ( ص ) .
وسورة ص هي السورة رقم
38 حسب النزول عند الأثريين .
وهذا من شرع
من قبلنا , وهو يوافق شرعنا .
الدليل الحادي عشر : " وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ
نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ
الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ
ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ
مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) " ( ص ) .
وسورة ص هي
السورة رقم 38 حسب النزول عند الأثريين .
ومعنى الآية أن حب الخيل قد شغل سليمان عن صلاة العشي حتى غربت الشمس .
الدليل الثاني عشر : قال الله : " يَا
بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ
الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ
يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا
الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) وَإِذَا فَعَلُوا
فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ
إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا
تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ
كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ
(29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ
اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
مُهْتَدُونَ (30) يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ
مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً
يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ
إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ
يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
(33) " ( الأعراف ) .
وسورة الأعراف هي السورة رقم 39 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الثالث عشر : قال الله : "
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا
يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118)
فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ
سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى
وَهَارُونَ (122) " ( الأعراف ) .
وسورة الأعراف هي السورة رقم 39 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الرابع عشر : قال الله : " وَمِنْ
قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)
وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى
مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ
فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ
مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ
الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا
وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160) وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ
الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا
الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161)
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ
(162) " ( الأعراف ) .
وسورة الأعراف هي السورة رقم 39 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الخامس عشر : قال الله : "
وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ
أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ " [الأعراف : 170]
وسورة الأعراف هي السورة رقم 39 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل السادس عشر : قال الله : "
وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ
الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ
الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ
وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206) " ( الأعراف ) .
وسورة الأعراف هي السورة رقم 39 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل السابع عشر : قال الله : "
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا " [الجن :
18]
وسورة الجن هي السورة رقم 40 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الثامن عشر : قال تعالى : "
وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ
بُكْرَةً وَأَصِيلًا " [الفرقان : 5]
وسورة الفرقان هي السورة رقم 42 حسب
النزول عند الأثريين .
قال الشنقيطي :
( وقوله : بكرة وأصيلا ، البكرة : أول النهار ، والأصيل :
آخره ) . ( أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي ) .
قال ابن عاشور : (( والبكرة : أول النهار . والأصيل :
آخر المساء ، وتقدم في قوله : ( بالغدو
والآصال ) في آخر سورة الأعراف ، أي
: تملى عليه طرفي النهار . وهذا مستعمل كناية عن كثرة الممارسة لتلقي الأساطير ))
. ( التحرير والتنوير لابن عاشور ) .
وقد تدل هذه الآية على مواقيت الصلاة , إذا كانوا يقصدون
أنه في أوقات صلاة النبي وعبادته واجتماعه مع الناس يملى عليه القرآن .
الدليل التاسع عشر
: قوله تعالى : " وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا
وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا " [الفرقان : 47]
وسورة الفرقان هي السورة رقم 42 حسب
النزول عند الأثريين .
فالله جعل لنا الليل لباساً أي يوارينا وليس يظهرنا .
قال تعالى : " يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ " [الأعراف : 26]
فكما أن
اللباس يواري السوآت فلا تظهر , كذلك الليل يواري البشر فلا يظهرون فيه , لأنه ليس
للبروز بل هو للسكن .
أي أنه لا توجد صلاة بالليل في المساجد , بل هي في البيوت .
ومن المعلوم أن الليل يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر , أي أن صلاة الغسق ( بعد الغروب مباشرة ) وصلاة العتمة ( بعد الغسق ) هي من صلاة الليل , أي أنها تصلى في البيوت وليس في المساجد , فضلاً عن أنها نافلة وليس فرضاً , بالإضافة إلى أنها تصلى تهجداً وليس في أول الليل .
الدليل العشرون : قال الله : " وَلَا
تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا
يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ
يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى
فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ " [فاطر : 18]
وسورة فاطر هي السورة رقم 43 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الحادي والعشرون : قال الله : "
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا
مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ
(30) وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا
لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ
أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ
ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ
بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ
يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا
وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ
عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ
الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا
لُغُوبٌ (35) وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ
فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ
كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا
غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ
مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ
نَصِيرٍ (37) " ( فاطر ) .
وسورة فاطر هي السورة رقم 43 حسب
النزول عند الأثريين .
والقرآن مصدق للكتب التي قبله في الصلاة وبقية الأحكام
إلا في بعض الأحكام القليلة التي فيها تخفيف علينا .
الدليل الثاني
والعشرون : قوله تعالى : " فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ
فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا " [مريم : 11]
وسورة مريم هي السورة رقم 44 حسب
النزول عند الأثريين .
وهذا من شرع من قبلنا , وهو يوافق شرعنا .
الدليل الثالث والعشرون : قال الله : "
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ
مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا
شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ
أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ
يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا
قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ
رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ
الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ
عَظِيمٍ (37) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ
الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (38) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ
الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
(39) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ
(40) " ( مريم ) .
وسورة مريم هي السورة رقم 44 حسب
النزول عند الأثريين .
وهذا من شرع من قبلنا , وهو يوافق شرعنا .
الدليل الرابع والعشرون : قال الله : "
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ
رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ
وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) " ( مريم )
وسورة مريم هي السورة رقم 44 حسب النزول عند الأثريين .
الدليل الخامس والعشرون : قال الله : "
أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ
ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ
آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ
خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ
غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ
الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا
يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً
وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ
تَقِيًّا (63) " ( مريم ) .
وسورة مريم هي السورة رقم 44 حسب
النزول عند الأثريين .
والآية رقم 62
فيها إشارة لطيفة إلى أن رزقهم في الجنة يأتي وقت صلاتهم في الدنيا .
الدليل السادس والعشرون : قال الله : "
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ
امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ
عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي
أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا
إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) " ( طه
) .
وسورة طه هي السورة رقم
45 حسب النزول عند الأثريين .
الدليل السابع والعشرون : قال الله : "
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ
أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ
إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً
مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي
يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ
السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا
بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) " ( طه ) .
وسورة طه هي السورة رقم 45 حسب النزول عند الأثريين .
الدليل الثامن والعشرون : قال الله : "
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ
الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ
النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا
مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) وَأْمُرْ أَهْلَكَ
بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ
وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ
رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) وَلَوْ
أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا
أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ
وَنَخْزَى (134) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ
أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135) " ( طه ) .
وسورة طه هي السورة رقم
45 حسب النزول عند الأثريين .
الدليل التاسع والعشرون : قال الله : "
قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (43) فَأَلْقَوْا
حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ
الْغَالِبُونَ (44) فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا
يَأْفِكُونَ (45) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ
الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) " ( الشعراء ) .
وسورة الشعراء هي السورة رقم 47 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الثلاثون : قال الله : "
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ
(218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(220) " ( الشعراء ) .
وسورة الشعراء هي السورة رقم 47 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الحادي والثلاثون : قال الله : "
طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى
لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ
بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُولَئِكَ
الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5)
" ( النمل ) .
وسورة النمل هي السورة رقم 48 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الثاني والثلاثون : قال الله : "
وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ
يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا
أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ
وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا
وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ
وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ
فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا
أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا
شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21)
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ
سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا
يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ
أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا
يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) " ( النمل ) .
وسورة النمل هي السورة رقم 48 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الثالث والثلاثون
:قوله تعالى : " وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
" [القصص : 73]
وسورة القصص هي السورة رقم 49 حسب
النزول عند الأثريين .
أي أن الليل للسكون وليس للذهاب إلى المسجد , فصلاة الليل تصلى في البيت
وليس في المسجد أو في جماعة , فضلاً عن أنها نافلة , وهذا يوافق قوله تعالى :
" وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ
رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا " [الإسراء : 79] .
قال تعالى : " وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا
وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ
ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا
وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ " [النحل : 80]
فكما تسكنون البيوت فاسكنوا الليل .
قال تعالى : " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الروم : 21]
وكما تسكنون إلى الأزواج فاسكنوا في الليل .
فالليل للسكون في البيوت سواء لقيام الليل أو النوم , قال تعالى : "
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ
بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ
مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " [الأنعام :
60]
هذه الأدلة الثلاثة
والثلاثون السابقة نزلت قبل حادثة الإسراء , وهذا دليل على أن الصلاة كانت مفروضة
قبل الإسراء .
أما الأدلة
التالية فكلها نزلت بعد حادثة الإسراء , , وهذا دليل على أن أن أثر الشِّعرة ـ
بكسر الشين المشددة ـ باطل مكذوب , وأن آيات الصلاة ليست منسوخة , وأن
الفروض اثنان لا ثالث لهما , إذ كيف ينسخ المتقدم المتأخر ؟
الدليل الرابع والثلاثون
: قوله تعالى : " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ
لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " [الإسراء :
1] .
وسورة الإسراء هي السورة رقم 50 حسب
النزول عند الأثريين .
فحادثة الإسراء كانت بسبب أن يري الله تعالى نبيه من آياته وليست بسبب
إلغاء آيات في القرآن , كما يزعم الأثريون , حيث قالوا بأن آيات الصلاة في القرآن
منسوخة بأثر الشِّعرة .
الدليل الخامس والثلاثون
: قوله تعالى : " وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ
فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً
لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ
وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا " [الإسراء : 12]
وسورة الإسراء هي السورة رقم 50 حسب
النزول عند الأثريين .
أي أن النهار من أجل المعاش , والسؤال هل يستقيم ذلك مع صلاة الضحى ثم صلاة الظهر في وسط النهار ثم صلاة العصر قبل طرف النهار بعدة ساعات ؟
الدليل السادس والثلاثون : قوله تعالى : " وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا " [الإسراء : 60]
وسورة الإسراء هي السورة رقم 50 حسب
النزول عند الأثريين .
وهذه الآية أيضاً تؤكد أن الإسراء كان رؤيا وليس إلغاء لآيات الله تعالى .
الدليل السابع والثلاثون
: قال تعالى : " أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ
اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ
مَقَامًا مَحْمُودًا (79) " ( الإسراء ) .
وسورة الإسراء هي السورة رقم 50 حسب
النزول عند الأثريين .
وهنا ذكر الله
تعالى صلاة قبل غروب الشمس وهي صلاة العشاء أو العشي أو الأصيل أو الآصال وهي فرض
, وصلاة الفجر وهي فرض , ثم صلاة الليل وهي نافلة , والنافلة في اللسان العربي
الزيادة , وهي تعني هنا الزائدة عن الفرض .
ومن المعلوم أن الليل يبدأ بغروب الشمس , قال تعالى : " أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " [البقرة : 187]
الشاهد قوله
تعالى : " ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ " أي إلى غروب
الشمس , أي أن صلاة الغسق ( بعد الغروب مباشرة ) والتي يسميها الناس بصلاة المغرب
هي من صلاة الليل أي أنها نافلة , وكذلك صلاة العتمة التي غير المحرفون اسمها إلى
صلاة العشاء .
وهذا سيجعل
صلاة الغسق وصلاة العتمة عند الأثريين مثنى مثنى لما روي عن عَبْد اللَّهِ بْن
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: إِنَّ رَجُلًا قَالَ: " يَا رَسُولَ
اللَّهِ كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ قَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ
الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ " . . ( متفق عليه ) .
فضلاً عن أن
صلاة الليل تصلى في البيوت وليس في المسجد وتصلى تهجداً وليس في وقت الغسق أو وقت
العتمة , فهل يجرؤ أثري على الصدع بذلك ؟
هل يجرؤ أثري
على القول بأن افتراض صلاة وقت الظهر والغسق والعتمة افتراء على الله وبدعة ما
أنزل الله بها من سلطان ؟
ولاحظ أن الله
تعالى ختم الآية بقوله : " كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ
لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " فلا يزعم جاهل أن القرآن مبهم غير مبين
وأن آثار المدلسين والمغفلين والوضاعين هي التي تفسره .
فالآيات بينات
مفصلات بلسان عربي مبين
قال تعالى :
" قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي
وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا
وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ " [هود : 28]
قال تعالى :
" وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ
أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ
لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ
كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ " [الأنعام : 25]
قال تعالى :
" وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي
آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا
عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا " [الإسراء : 46]
قال تعالى :
" وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا
وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً
أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى
فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا " [الكهف : 57]
ومن الملاحظ
أن الله تعالى قد أمر بهذه الصلوات في سورة الإسراء كما أمر بها في سور عديدة نزلت
بعد سورة الإسراء , ومن المعلوم أن سورة الإسراء نزلت بعد حادثة الإسراء عند
الأثريين , أي أن سورة الإسراء وما تلاها من سور متأخرات عن حادثة الإسراء , وفي
هذا أعظم وأبلغ رد على من كفر بتلك الآيات وعطلها تحت ما يسمى بالنسخ .
فلقد كفر
المحرفون بآيات الصلاة الكثيرة في القرآن وعطلوها ولغوها تحت مسمى النسخ , فقد
زعموا أن آيات الصلاة منسوخة بأثر الشِّعرة ( بكسر الشين المشددة ) في جامع
البخاري المسمى بصحيح البخاري وجامع مسلم المسمى بصحيح مسلم , وهو أثر موضوع باطل
السند والمتن , فضلاً عن أنه لو سلمنا جدلاً يصحته فإن سورة الإسراء وما يليها قد
نزلوا بعد حادثة الإسراء , وهذا الأثر حدث من حوادث ليلة الإسراء , أي أن سورة
الإسراء وما بعدها من سور قد نزلت بعده , ومن ثم فالمتأخر هو الناسخ وليس المنسوخ
.
وعلى الذين
كانوا يؤمنون بهذا الأثر الباطل أن يصدعوا بأنه موضوع أو منسوخ وليس بناسخ لآيات
الله , ولكنهم لن يفعلوا , فشتان بين من يصدع بالحق وبين من يكتمه , وشتان بين من
يعبد الله تعالى وحده ولا يشرك به وبين من يعبد البخاري ويقدمه على كتاب الله
تعالى , وشتان بين من يتعبد بكلام الله تعالى ويقدمه على كلام من سواه ومن يتعبد
بكلام شيوخه ويقدمه على كلام الله ويقلدهم ويعادي من يخالفهم , وشتان بين من يلغي
كلام الخلق بكلام الله , وبين من يلغي كلام الله تعالى بكلام المدلسين .
وأرجع إلى
قوله تعالى : " أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ
وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ
اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ
مَقَامًا مَحْمُودًا (79) " ( الإسراء ) .
فالله تعالى
لم يأمرنا إلا بهذه الصلوات الثلاث المبينة في القرآن , اثنان في طرفي النهار
فريضة , وثالثة في الليل نافلة .
وكلام الله
تعالى السابق موجه لمن يريد المقام المحمود وهو الجنة .
قال تعالى :
" وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ
يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا
اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا
سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا
وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ
مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ
إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ
اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ
تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)
وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا
كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا
عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ
أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ
إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ
فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا
وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ
كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) " ( الفرقان ) .
الشاهد قوله
تعالى : " أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ
فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا
وَمُقَامًا (76) " .
قال تعالى :
" إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52)
يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53) كَذَلِكَ
وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ
(55) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ
عَذَابَ الْجَحِيمِ (56) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
(57) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58)
فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59) " . ( الدخان ) .
أما المقام المذموم فهو جهنم .
قال تعالى :
" وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ
لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ
عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ
مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) " ( الفرقان ) .
ومن يرد المقام
المذموم فعليه بتضييع تلك الصلوات أو تحريفها .
قال تعالى :
" أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ
ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ
آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ
خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ
غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ
الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا
يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً
وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا
(63) " ( مريم ) .
الدليل الثامن والثلاثون
: قال تعالى : " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ
وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ "
[يونس : 67]
وسورة يونس هي السورة رقم 51 حسب
النزول عند الأثريين .
فالليل للسكن
وليس للذهاب إلى المساجد .
الدليل التاسع والثلاثون
: قال تعالى : " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ
اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى
لِلذَّاكِرِينَ " [هود : 114] .
وسورة هود هي السورة رقم 52 حسب
النزول عند الأثريين .
وهذا الكلام
ذكرى للذاكرين , أما الغافلون المحرفون المضيعون فالآية السابقة ليست فيهم بل
الآية التالية تصفهم وتتوعدهم .
قال تعالى :
" فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا
الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ
صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)
" ( مريم ) .
والسؤال : هل
استمسكتم بالكتاب وأقمتم الصلاة التي فيه أم كفرتم بها ؟
قال تعالى :
" وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا
نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ " [الأعراف : 170]
قال تعالى :
" أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ
" [الزخرف : 21]
قال تعالى :
" فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ " [الزخرف : 43]
قال تعالى :
" لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ
يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ
الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " [البقرة : 256]
فمن يكفر
بشياطين الإنس والجن وأكاذيبهم ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى .
قال تعالى :
" وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ
" [لقمان : 22]
ومن يسلم وجهه
إلى الله وليس إلى البخاري ومسلم المدلسين أو إلى مالك المدلس تدليس التسوية وهو أحقر أنواع التدليس .
الدليل الأربعون
: قال تعالى : " وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ
وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ
وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ
الظَّالِمِينَ " [الأنعام : 52]
وسورة الأنعام هي السورة رقم 55 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الحادي والأربعون
: قوله تعالى : " فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
" [الأنعام : 96]
وسورة الأنعام هي السورة رقم 55 حسب
النزول عند الأثريين .
فالليل سكن
وليس للذهاب إلى المساجد , أي أن صلاة الليل تصلى في البيوت .
الدليل الثاني والأربعون
: قوله تعالى : " أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا
يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو
الْأَلْبَابِ " [الزمر : 9]
وسورة الزمر هي السورة رقم 59 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الثالث والأربعون
: قوله تعالى : " النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ "
[غافر : 46]
وسورة غافرهي السورة رقم 60 حسب
النزول عند الأثريين .
وهو إشارة إلى أن عرضهم على النار في القبر في وقت الصلوات التي كفروا بها وضيعوها .
الدليل الرابع والأربعون : قوله تعالى : " فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ " [غافر : 55]
وسورة غافرهي السورة رقم 60 حسب
النزول عند الأثريين .
الدليل الخامس والأربعون
: قوله تعالى : " اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا
فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ " [غافر : 61]
وسورة غافرهي السورة رقم 60 حسب
النزول عند الأثريين .
فالليل سكن
وليس للذهاب إلى المساجد , أي أن صلاة الليل تصلى في البيوت .
الدليل السادس والأربعون : قال تعالى : " إِنَّ
الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ
إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ
اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي
أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) " ( الذاريات ) .
وسورة الذاريات هي السورة رقم 67 حسب النزول .
الدليل السابع والأربعون
: قال تعالى : " وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ
بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ
تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ
عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا " [الكهف : 28]
وسورة الكهف هي السورة رقم 69 حسب النزول .
الدليل الثامن والأربعون
: قوله تعالى : " وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا
وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49) " (الطور ) .
وسورة الطور هي السورة رقم 76 حسب النزول .
الدليل التاسع والأربعون
: قوله تعالى : " وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ
لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) " ( النبأ ) .
وسورة النبأ هي السورة رقم 80 حسب النزول .
فالليل
يوارينا فلا نظهر للناس كما يواري اللباس السوآت فلا تظهر , ومن ثم فلا توجد صلاة
ليلية في المساجد , ومن ثم فأي صلاة من الليل هي نافلة وليست بفريضة .
الدليل الخمسون
: قوله تعالى : " فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ
(17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ
تُظْهِرُونَ (18) " ( الروم ) .
وسورة الروم هي السورة رقم 84 حسب النزول .
والله تعالى
لم يأمرنا بالصلاة أو التسبيح في هاتين الآيتين , ولكنه تعالى قد سبح وحمد نفسه
فيهما في أربع أوقات وهي : الصباح والظهيرة والعشي والمساء , وهي
أوقات تسبيح وذكر.
فثلاثة أوقات
سنسبح الله تعالى فيهن , فسنسبح في صلاة الصبح والعشي والمساء ( الليل ) , كما
سنسبح الله تعالى بعد الفراغ من هذه الصلوات .
قال تعالى : " وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ " [ق : 40]
وقال تعالى : " فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ " [الشرح : 7] .
ملحوظة :
المساء يطلق على آخر النهار أو الليل , فإذا ما قلنا هو آخر النهار فهو وقت صلاة
العشي , وإذا قلنا أنه الليل أو جزء منه فهو وقت صلاة الليل .
والوقت الرابع
في الآيتين هو وقت الظهيرة وهو وقت القيلولة , قال تعالى : " يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ
صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ
صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ
جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " [النور :
58] .
أي تضعون
ثيابكم للقيلولة , ومن ثم سنذكر الله ونسبحه ونحن على المضاجع , قال تعالى :
" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ
قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ
فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ
أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا
سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا
رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا
مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا
تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)
فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ
ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا
مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ
عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ
(195) " ( آل عمران ) .
ومن الأذكار
أيضاً عند الأثريين :
عن عَلِيّ، أَنَّ
فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا، فَأَتَى
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ فَانْطَلَقَتْ، فَلَمْ تَجِدْهُ فَوَجَدَتْ
عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْتُ لِأَقُومَ، فَقَالَ:
" عَلَى مَكَانِكُمَا فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ
عَلَى صَدْرِي، وَقَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي إِذَا
أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَتُسَبِّحَا
ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا
مِنْ خَادِمٍ " . ( متفق عليه ) .
عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِذَا
أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ، فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ،
فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ وَلْيُسَمِّ اللَّهَ، فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا
خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ
فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَلْيَقُلْ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ
رَبِّي بِكَ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي
فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ
عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ ". ( صحيح مسلم ) .
تنبيه :
التسبيح ليس خاصاً بأوقات الصلاة .
قال تعالى :
" قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ
اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ " [يوسف :
108]
قال تعالى :
" لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ
اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ " [الأنبياء : 22]
قال تعالى :
" مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا
لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ
اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ " [المؤمنون : 91]
قال تعالى :
" فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا
وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " [النمل : 8]
قال تعالى :
" وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " [القصص : 68]
قال تعالى :
" سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ " [الصافات : 159]
قال تعالى :
" أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
" [الطور : 43]
قال تعالى :
" هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ
السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ
سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ " [الحشر : 23]
قال تعالى :
" لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا
اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا
كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " [الزخرف : 13]
والخلاصة :
لقد سبح الله تعالى نفسه في آيتي سورة الروم , ولم يأمرنا بالتسبيح أو الصلاة
فيهما , ولكنه قد يستأنس من ذلك بأن هذه الأوقات الأربع هي أوقات تسبيح , وذلك إذا
رجعنا إلى بقية الآيات المبينات , وعلى ذلك فسنسبح الله تعالى في الثلاث صلوات
وبعد الانتهاء منها , وسنسبحه تعالى وقت الظهيرة عند القيلولة .
أما من أراد
أن يستدل بهاتين الآيتين على وجوب التسبيح أو الصلاة في هذه الأوقات الأربعة فهو
مفتر يحمل النصوص ما لم تحتمل , كما أنه سيعارض بقية الآيات التي تأمر بثلاث صلوات
, فرضان ونافلة , أو أنه كافر بآيات الصلاة في القرآن .
الدليل الحادي والخمسون
: قال تعالى : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى
وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا
فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا
تَعْلَمُونَ (239) " ( البقرة ) .
وسورة البقرة هي السورة رقم 87 حسب النزول .
ولقد اختلف
الأثريون في معنى الصلاة الوسطى فكل فرقة زعمت أنها إحدى الصلوات الخمس .
وأقول إن الصلاة
الوسطى إما أنها صلاة الليل , لأن الوسط يكون بين طرفين , والطرفان مذكوران في
القرآن وهما طرفا النهار , ولقد جاءت صلاة الليل بين صلاة الطرف الآخر للنهار (
صلاة العشي ) وصلاة الطرف الأول للنهار ( صلاة الإبكار ) , ولا توجد صلاة نهارية
مذكورة في القرآن غير الصلاة في طرفي النهار , حتى نقول أنها بينهما , ولا يوجد
طرفان آخران مذكوران غيرهما .
أو أنها صفة
للصلاة أي صلاة متوسطة لا قصيرة ولا طويلة , فقصر الصلاة يكون في حالات استثنائية
, قال الله : " وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ
جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا "
[النساء : 101] , وإطالة الصلاة فيه مشقة على النفس ولقد رفع الله عنا الحرج , قال
الله : " وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا
جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ
سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا
عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا
الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى
وَنِعْمَ النَّصِيرُ " [الحج : 78]
والسؤال : هل من
الممكن اعتبار صلاة العشاء الصلاة الأولى وأن صلاة الليل هي الصلاة الثانية أي
الوسطى وأن صلاة الفجر هي الصلاة الثالثة حسب الترتيب الآتي :
قال تعالى :
" أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ
الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا
مَحْمُودًا (79) " ( الإسراء ) .
فلقد ذكرت
صلاة العشي أولاً ثم ذكرت صلاة الفجر ومعلوم أن بينهما صلاة الليل .
قال تعالى :
" قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ
ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ
بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ " [آل عمران : 41]
قال تعالى :
" إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ
وَالْإِشْرَاقِ " [ص : 18]
قال تعالى :
" فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ " [غافر : 55]
فالترتيب الزمني للصلوات في الآيات السابقة يدل على أن الصلاة الأولى هي صلاة العشي , والصلاة الثانية أو الوسطى هي صلاة الليل , والصلاة الثالثة والأخيرة هي صلاة الفجر .
وأقول : أنا لا أعتمد على هذا , لأنه لو نظرنا إلى أن صلاة الفجر هي الصلاة الأولى لأن الفجر هو
الطرف الأول للنهار لقلنا أن الصلاة الأولى هي صلاة الفجر , والصلاة الثانية أو
الوسطى هي صلاة العشاء , والصلاة الثالثة أو الأخيرة هي صلاة الليل , وتوجد آيات
ذكرت صلاة الفجر قبل صلاة العشاء :
قال تعالى : " وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ " [الأعراف : 205]
قال تعالى : " وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ " [الرعد : 15]
قال تعالى :
" فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ
يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ " [النور : 36]
وأما لو نظرنا إلى أن الليل قبل النهار ـ كما يظن العوام ـ لقلنا أن الصلاة الأولى هي صلاة الليل , والصلاة الثانية أو الوسطى هي صلاة الفجر , والصلاة الثالثة أو الأخيرة هي صلاة العشاء .
ولكني لن أقول
أن الليل سابق النهار فلقد قال الله : " لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ
تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ
يَسْبَحُونَ " [يس : 40]
لذا أقول إن
الصلاة الوسطى إما صلاة الليل أو صفة للصلاة .
الدليل الثاني والخمسون
: قال تعالى : " قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا
تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا
وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ " [آل عمران : 41]
وسورة آل عمران هي السورة رقم 89 حسب النزول .
وهذا من شرع
من قبلنا , وهو موافق لشرعنا .
الدليل الثالث
والخمسون : قال تعالى : " لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ
قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ "
[آل عمران : 113]
وسورة آل عمران هي السورة رقم 89 حسب النزول .
وهذا من شرع من قبلنا , وهو موافق لشرعنا .
الدليل الرابع والخمسون
: قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا
كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي
عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ
سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44) " ( الأحزاب )
وسورة الأحزاب هي السورة رقم 90 حسب النزول .
الدليل الخامس والخمسون:
قوله تعالى : " وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ " [الرعد : 15]
وسورة الرعد هي السورة رقم 96 حسب النزول .
الدليل السادس والخمسون
: قوله تعالى : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا
(23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24)
وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ
لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) " ( الإنسان ) .
وسورة الإنسان هي السورة رقم 98 حسب النزول .
الدليل السابع والخمسون
: قوله تعالى : " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ
فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا
تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ
وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ
وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ
مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) وَالَّذِينَ
كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى
إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ
حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ
لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ
بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ
يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40) أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ
كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ
(41) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42)
" ( النور ) .
وسورة النور هي السورة رقم 102 حسب النزول .
والذين كفروا
بتلك الآيات أعمالهم كسراب .
ونلاحظ أن صلاتين فقط في المسجد وهما صلاتا الغدو والآصال أما صلاة الليل فهي نافلة لا تصلى في المسجد .
والسؤال : هل
يبين الله تعالى لمن بالسماوات والأرض صلاتهم وتسبيحهم ثم لا يبينه لنا في كتابه ؟
الدليل الثامن والخمسون
: قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ
الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ
مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ
لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ
بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ " [النور : 58] .
وسورة النور هي السورة رقم 102 حسب النزول .
وصلاة العشاء
هي صلاة العشي أي قبل الغروب , فالعشاء من العشي , وليس من العتمة , فهذا وقت وذلك
وقت آخر , وهذه كلمة وتلك كلمة أخرى .
أما الوقت بعد
وقت الغسق ( بعد زوال الشفق الأحمر ) فيسمى العتمة , وليس العشاء .
والصلاة في أي
ساعة من ساعات الليل هي من صلاة الليل , وهي نافلة وتصلى في البيوت .
الدليل التاسع والخمسون
: قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ
مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ
الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ
وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا
تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا
عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ
الرَّازِقِينَ (11) " ( سورة الجمعة ) .
وسورة الجمعة هي السورة رقم 110 حسب النزول .
ولقد قال
تعالى : " مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ " ولم يقل من ليل الجمعة , أي أن
صلاة الليل لا ينادى عليها , وبمفهوم المخالفة فإن الله لم يأمرنا بالصلاة في ليل
الجمعة في المساجد , ومن المعلوم أن الليل يبدأ بعد غروب الشمس وينتهي قبل طلوع
الفجر , أي أن الصلاة بعد الغروب مباشرة ( وقت الغسق ) وصلاة العتمة ( بعد زوال
الغسق ) والصلاة في منتصف الليل والصلاة وقت السحر , أو الصلاة في أي وقت من غروب
الشمس إلى طلوع الفجر هي من صلاة الليل , وصلاة الليل نافلة , قال تعالى : "
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ
مَقَامًا مَحْمُودًا (79) " ( الإسراء )
وصلاة الليل
لا تصلى في المساجد , قال الله : " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ
وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)
رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ
الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ
الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا
وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
(38) ( النور ) .
فصلاة اليوم
أو صلاة النهار هي التي تصلى في المساجد .
والسؤال : ما
هي صلاة يوم الجمعة المقصودة ؟
إذا كانت آية سورة
الجمعة مجملة أو من المتشابهات ولم يفهمها البعض فيجب عليه أن يرد المتشابه إلى
المحكم وأن يرد المجمل إلى المبين , ولا يجوز أن يرد القرآن إلى آثار المغفلين
والمدلسين والوضاعين كما لا يجوز أن يقلد كذاباً أو محرفاً أو مدلساً أو مغفلاً وينبذ
كتاب ربه وراء ظهره .
وإذا ما رددنا
المجمل والمتشابه إلى المبين والمحكم سيتبين لنا أنها صلاتان : صلاة الفجر ( الغدو
, الإبكار ) وصلاة العشاء ( العشي , الأصيل ) , كما جاء في القرآن في آيات عديدة ,
ولم يأت ما يخصص يوم الجمعة بفرض زائد في وقت الظهيرة , ومن ادعى ذلك فليأت بآية
من القرآن , كما لن يجد أي أثر صحيح السند يوافق متنه كتاب الله تعالى في هذا
الأمر , ورغم أن حجية الأثار باطلة لأن الله لم يحفظها إلا أنه لا يوجد أثر صحيح
السند في صلاة الجمعة المزعومة .
ولاحظ قوله
تعالى : " فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ " ,
ولم يقل فاسعوا إلى الإنصات إلى خطبة ظهر يوم الجمعة , أي أن الأمر في الآية
بالذكر وهو الصلاة والتسبيح والدعاء وليس الإنصات .
كما أن قوله
تعالى : " وَذَرُوا الْبَيْعَ " يفيد أن الوقت وقت بيع وشراء , وهو
وقت الغدو والعشي , وبالأخص وقت العشي , أما وقت الظهيرة فهو وقت قيلولة وليس بوقت
تجارة أو عمل , قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا
الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ
تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ
ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ
طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ
لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " [النور : 58]
وإذا فسر أحد
صلاة يوم الجمعة بالصلاة وقت الظهيرة يوم الجمعة فإن سيعارض الآية السابقة التي
تفيد القيلولة وليس الصلاة .
فالهاجرة هي نصف النهار عند اشتداد الحر، وسميت هاجرة من الهجر، وهو الترك لأن الناس يتركون السير والتصرف حينئذ ويقيلون كما في الآية السابقة .
كما سيخالف
الآية التي تأمر بالصلاة في المساجد في وقتين اثنين وهما الفجر والعشاء " فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ
فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا
بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ
يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)
لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) ( النور ) .
والجمعة تعني
الاجتماع والالتقاء والسوق , فهو وصف لليوم وليس اسماً له , لأنه لو قلنا أن يوم
الجمعة هو يوم العروبة لكان هذا دليلاً على أن الله أمرنا بالصلاة في المساجد يوم
العروبة فقط , ولم يأمرنا بالصلاة في المساجد في بقية الأيام , وذلك بمفهوم
المخالفة , ولا يجرؤ أثري على القول بذلك .
فيوم الجمعة
هو وصف ليوم وذلك مثل : يوم الدين , واليوم الآخر , ويوم القيامة , ويوم البعث ,
ويوم الوقت المعلوم , ويوم الحسرة , ويوم الزينة , ويوم الفرقان يوم التقى الجمعان
, ويوم الحج الأكبر , ويوم أليم , ويوم الظلة , ويوم الفتح , ويوم الفصل , ويوم
الحساب , ويوم التلاق , ويوم الآزفة , ويوم الأحزاب , ويوم التناد , ويوم الجمع , ويوم
التغابن , ويوم الوعيد , واليوم الذي كانوا يوعدون , واليوم الموعود , ويوم الخلود
, ويوم الخروج , ويوم الحق .
ومن الأدلة
أيضاً على أن يوم الجمعة هو يوم الاجتماع والالتقاء والسوق قول الله في سورة
الجمعة : " وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا
إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ
وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ " ( الجمعة : 11 ) .
يعني أن النبي
والصحابة كانوا يصلون , فلما رأى الصحابة تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوا النبي
يصلي وحده .
وهذا لا يتصور
إلا إذا كان كل إنسان يصلي بمفرده ولا توجد سواقة ( إمامة ) في الصلاة , وهذا هو
الصواب .
فالصحابة لما
رأوا التجارة أو اللهو قصروا صلاتهم وانفضوا إليها , رغم أن قصر الصلاة يكون في
حالات استثنائية .
وفي هذا دليل على أنه لا يوجد سواقة في الصلاة , ولا توجد خطبة ظهر الجمعة المزعومة , إذ أن صلاة ظهر الجمعة فرض عند الفرق الضالة , فكيف يتصور ترك الصحابة لخطبة النبي والصلاة والذهاب للتجارة أو اللهو ؟
إن الفساق في
زمننا لا يعملون ذلك .
ومن الأدلة
أيضاً على أن يوم الجمعة هو يوم الاجتماع والالتقاء والسوق قول الله : " فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ
فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا
بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ
يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)
لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ
وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) ( النور ) .
الدليل الستون :
قال تعالى : " إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8)
لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ
بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) " ( الفتح ) .
وسورة الفتح هي السورة رقم 111 حسب النزول .
فلقد ذكر الله
تعالى وقتين فقط وهما وقتا صلاتي الفجر والعشاء , ومن المعلوم أن سورة الفتح من
أواخر السور التي نزلت , أي أنها بعد حادثة الإسراء بسنوات , فهل يستطيع محرف أن
يزعم أنها منسوخة ؟
والسؤال
للفرقة الضالة التي تزعم أن الصلاة فرضت في الإسراء : كيف تفرض الصلاة في الإسراء
وتجود الكثير من الآيات تأمر بالصلاة قبل تاريخ الإسراء ؟ هل أنتم تكفرون بتلك
الآيات ؟ وهل القرآن ناقص حتى تكمله آثار المغفلين والمدلسين والوضاعين ؟ أليس
القرآن تبياناً لكل أمور الدين ؟
والسؤال
للفرقة الضالة التي تزعم أن آيات الصلاة قد نسخت بأثر الشِّعرة : كيف ينسخ أثر الشِّعرة
آيات الصلاة والكثير منها قد نزل بعد تاريخ الإسراء ؟ كيف ينسخ المتقدم المتأخر ؟ وكيف
ينسخ الأثر كتاب الله ومن شروط الناسخ أن يكون آية ؟ وكيف ينسخ الآحاد الضعيف كتاب
الله وهو متواتر صحيح , ومن شروط الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ ؟ كيف ينسخ
الضعيف القوي ؟
وأخيراً أقول
: اعبدوا الله وتمسكوا بكتابه , ولا تعبدوا مالكاً بن صعصعة , بل احرقوا كلامه .
تنبيه : أنا
أذكر الآية مع سياقها لأن السياق نافع للفرق الضالة , ففيه وعيد لمن يحرف الصلوات
أو ينبذ كتاب ربه وراء ظهره .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق