الأحد، 19 أبريل 2015

فصل : الصلاة بين المغالين والمفرطين

رسالة : بيان الصلاة التي أمر الله بها عباده

فصل : الصلاة بين المغالين والمفرطين

كتب محمد الأنور آل كيال

أولاً : المغالون :

المغالون في الصلاة يكفِّرون من تركها أو ترك صلاة واحدة منها , كما يحرمون إعانته والتصدق عليه , ولقد استدلوا على أحكامهم بآثار مكذوبة , ويا ليتهم يصلّون الصلوات الصحيحة المبينة في القرآن في أوقاتها الصحيحة المبينة أيضاً في القرآن  .

الشاهد أن أحكامهم باطلة , فالآثار التي يستدلون بها باطلة , مثل :

1 ـ ( الصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّينِ ) . ( الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة للملا علي القاري ) , وذكره السخاوي في المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة .

2 ـ ( الصَّلاةُ عِمَادُ الدِّينِ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ هَدَمَ الدِّينَ ) . ( تذكرة الموضوعات للفتني , الفوائد المجموعة للشوكاني ) .

فالصلاة ليست بعماد الدين , فالدين عبارة عن إيمان وعمل صالح , والصلاة جزء من العمل الصالح , وليست كل العمل الصالح , كما أنها ليست بأفضل الأعمال الصالحة , فذكر الله أكبر منها .

قال تعالى : " اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ " [العنكبوت : 45]

فقيل أن ذِكر الله أكبر مما سواه , كما قيل أن ذِكر الله في الصلاة أكبر مما سواه , وأن الصلاة هي من ذِكر الله تعالى .

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) " ( المنافقون ) .

فأول شيء ذكره الخاسر هو الصدقة وليس الصلاة .

3 ـ " الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ "، ( جامع الترمذي ) .

ويكفي أن نعلم أن الحسين بن واقد المروزي مدلس , يخطئ , له أوهام , وأن عبد الله بن بريدة ضعيف , وروى عنه الحسين بن واقد أحاديث ما أنكرها , وقد روى عن أبيه أحاديث منكرة , كما أنه لم يسمع من أبيه , قال إبراهيم الحربى : ( عبد الله أتم من سليمان ، و لم يسمعا من أبيهما ) .

4 ـ ( مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ فَقَدْ كَفَرَ ) . ( تذكرة الموضوعات للفتني , تأليف محمد بن طاهر الفتني) .

5 ـ السنة لأبي بكر بن الخلال : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: ثنا شَيْبَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلاةِ "

علل السند :

1 ـ الإرسال .
2 ـ عطاء بن أبي رباح القرشي , قال ابن حجر العسقلاني في التقريب : ( ثقة فقيه فاضل كثير الإرسال تغير بأخرة ولم يكثر ذلك منه ) , وقال علي بن المديني : اختلط بأخرة ) , وقال يحيى بن سعيد القطان : ( يأخذ عن كل ضرب ) , وقال يحيى بن معين : ( ثقة ) ، وفي رواية ابن محرز : ( لم يسمع من ابن عمر شيئا ، ولكنه قد رآه ، ولا يصح له سماع ) .
3 ـ الليث بن أبي سليم القرشي , وهو ضعيف مضطرب الحديث .
4 ـ هاشم بن القاسم الليثي ( هاشم بن القاسم بن مسلم بن مقسم , قيصر , أبو النضر ) , قال فيه أبو نعيم الأصبهاني : ( أما يتقى الله قيصر يحدث عن الأشجعي بكتاب سفيان يعنى بقيصر أبا النضر ) , وقال يحيى بن معين : (أول ما كتبنا عن أبي النضر هاشم بن القاسم قال ان عندي كتابا لشعبة نحوا من ثمانمائة حديث سألت عنها شعبة فحدثنا بها وقال عندي غير هذه لست اجترئ عليها ثم حضرناه من بعد تلك الأحاديث الباقية فكان يقول فيها حدثنا شعبة والحديث فتنة ثقة ) .
تنبيه : شيبان بن عبد الرحمن التميمي ( أبو معاوية )  , قال زكريا بن يحيى الساجي : ( صدوق عنده مناكير ، وأحاديثه عن الأعمش تفرد بها ) , وقال ابن حجر في التقريب : ( ثقة صاحب كتاب ) ، وقال في هدي الساري : ( أحد الأثبات ، تكلم فيه الساجي بلا حجة ، وقوله معارض بقول أحمد بن حنبل أنه ثبت في كل المشايخ ) .

6 ـ مصنف عبد الرزاق : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولا، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهُ ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكَلاعِيِّ، أَنَّ مَكْحُولا، أَخْبَرَهُ مِثْلَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ لَهُ: " يَا أَبَا وَهْبٍ مَنْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهُ، فَقَدْ كَفَرَ "

علل السند الأول :

1 ـ الإرسال .
2 ـ مكحول الأزدي , قال فيه أبو داود السجستاني : ( ضعيف ) .
3 ـ محمد بن راشد الخزاعي , قال فيه النسائي : ( ثقة ) ، وقال مرة : ( ليس به بأس ) ، وقال مرة : ( يروي عن مكحول ، ليس بالقوي ) , وقال ابن حبان : ( كان من أهل الورع والنسك ولم تكن صناعة الحديث فكان يأتي بالشيء على الحسبان ويحدث على التوهم فكثر المناكير في روايته فاستحق ترك الاحتجاج به ) , وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش : ضعيف الحديث ) , وقال الدارقطني : ( كان بالبصرة ، يعتبر به ) ، وقال أيضاً : ( ضعيف ) , وقال ابن حجر في التقريب : صدوق يهم ، ورمي بالقدر ) .
4 ـ عبد الرزاق بن همام الحميري ( عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني , أبو بكر ) , وهو متهم , وكان يدلس , وكان يخطئ إذا حدث من حفظه , وقد اختلط , وكان يلقن , وكان يتشيع , وقد تكلم فيه البعض , وقال عباس بن عبد العظيم العنبري : ( كذاب ، والواقدي أصدق منه ) , وقال يحيى بن معين : ( ضعيف في سليمان ) .

علل السند الثاني :
1 ـ الإرسال .
2 ـ مكحول الأزدي , قال فيه أبو داود السجستاني : ( ضعيف ) .
3 ـ عبيد الله بن عبيد الكلاعي , لم يوثق التوثيق المعتبر .
4 ـ إسماعيل بن عياش العنسي , وهو ضعيف .
5 ـ عبد الرزاق بن همام الحميري ( عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني , أبو بكر ) , وهو متهم , وكان يدلس , وكان يخطئ إذا حدث من حفظه , وقد اختلط , وكان يلقن , وكان يتشيع , وقد تكلم فيه البعض , وقال عباس بن عبد العظيم العنبري : ( كذاب ، والواقدي أصدق منه ) , وقال يحيى بن معين : ( ضعيف في سليمان ) .

7 ـ مصنف ابن أبي شيبة : قَالَ: وَقَالَ الْحَسَنُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ تَرَكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً حَتَّى تَفُوتَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ "

علل السند :
1 ـ الإرسال .
2 ـ الحسن البصري , وهو مدلس , وكان يأخذ عن كل ضرب , ويتأول التصريح بالسماع .
3 ـ عباد بن ميسرة المنقري , وهو ضعيف .
4 ـ هشيم بن بشير , وهو كثير التدليس والإرسال الخفي , وكان يدلس تدليس التسوية , وقد تغير بآخره لما ضاعت صحيفته .

8 ـ " مَنْ أَعَانَ تَارِكَ الصَّلاةِ بِلُقْمَةٍ فَكَأَنَّمَا أَعَانَ عَلَى قَتْلِ الأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ ". وقال : مَوْضُوعٌ رَتَنِيٌّ ( تذكرة الموضوعات للفتني , تأليف : محمد بن طاهر الفتني )

ولكن لم يقف الجهل والتحريف عند استدلالهم بالآثار المكذوبة وتركهم للقرآن , بل وصل الحد إلى جعل وساوس شيوخهم أدلة يرددونها دون تدبر أو تفكر , ومن المعلوم أن كلام العلماء ليس دليلاً , بل يحتاج إلى دليل ولكن هذا عند العقلاء وليس عند المقلدين .

إن أكثر شيوخ الفرق الضالة يقولون أن تارك الصلاة تهاوناً يستتاب ثلاثاً، فإن لم يتب قتل حداً ، وظاهر مذهب الحنابلة أنه يقتل ردة ، وجزم ابن تيمية بأن من عُرض على السيف فقيل له تصلي وإلا قتلناك، فأبى أن يصلي، فإنه يقتل ردة , وقال الموفق ابن قدامة في كتابه عمدة الفقه : ( أن من ترك الصلاة تهاونا استتيب ثلاثا ) , وقال ابن قاسم في حاشية الروض تعليقاً على قول الماتن : ( ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثاً ) فيهما أي فيما إذا جحد وجوبها أو فيما إذا تركها تهاوناً أي حتى تُطلب منه التوبة ثلاثة أيام بلياليها كمرتدٍ نصاً ويضيق عليه ويدعى كل وقت إليها، وتوبته أن يصلي بخلاف جاحدها فتوبته بإقراره بما جحدهانتهى.

والسؤال : هل يوجد دليل على هذا الهراء ؟

لا يوجد , بل هي وساوس من شياطين الإنس والجن .

قال تعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " [الأنعام : 112]

كيف تضعون عقوبةً ما أنزل الله به من سلطان ؟ أتفترون على الله كذباً ؟

قال تعالى  : " وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ " [يونس : 60]

قال تعالى  : " قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) " ( يونس ) .

قال تعالى  : " وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) " ( النحل ) .

هل نسي الله تعالى هذه العقوبة فجاء القرآن ناقصاً , ثم جئتم لتكملوه ؟

قال تعالى : " قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى " [طه : 52]

قال تعالى : " وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا " [مريم : 64]

هل القرآن ناقص ؟

قال تعالى : " أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " [العنكبوت : 51]

قال تعالى : " وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ " [النحل : 89]

قال تعالى : " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ " [الأنعام : 38]

قال تعالى : " وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " [يونس : 37]

قال تعالى : " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " [يوسف : 111]

قال تعالى : " وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا " [الإسراء : 12]

هل يجوز إكراه الناس على الصلاة ؟

قال تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " [البقرة : 256]

قال تعالى : " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " [يونس : 99]

ثانياً : المفرطون :

المفرطون في الصلاة يحتجون بأنهم قد وصلوا , أو أن قلوبهم بيضاء طاهرة .

والسؤال : هل هذه الحجة تصلح أمام رب العالمين ؟

قال تعالى : " قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ " [الأنعام : 149]

هل وصلتم إلى مرتبة أعلى من مرتبة الأنبياء والرسل ؟

لو كانت قلوبكم طاهرة نقية لدفعتكم إلى العبادة , وكثرة الذكر والدعاء , والتزود من الأعمال الصالحة .

لو كانت قلوبكم طاهرة نقية لحببتكم في الصلاة .

لو كانت قلوبكم طاهرة نقية لما زكيتم أنفسكم , إذ كيف تزكون أنفسكم ؟

قال تعالى : " وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) " ( النجم ) .

هل أنتم أصلح من الرسل والأنبياء والملائكة والأولياء والشهداء والصالحين والعلماء ؟

هل تسقط الصلاة إذا صار القلب نقياً طاهراً ؟

هل يوجد دليل على ذلك , أم أن هذا افتراء على الله ؟

فلماذا لم تسقط عن من هو أطهر منكم ؟

إن كلامكم من قبيل الافتراء على الله كذباً والكذب على النبي والتحريف لأحكام هذا الدين .

لماذا لا تتشجعون وتقرون بذنبكم بدلاً من الافتراء والكذب والتحريف ؟

هل السامري أفضل منكم إذ أقر بذنبه ؟

قال تعالى على لسان السامري : قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي " [طه : 96]

وتكفي الآيات التالية في كل مفرط متهاون في الصلاة , إذا كان لديه قلب :

قال تعالى : " فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) " ( مريم ) .

قال تعالى : " كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) " ( المدثر ) .

قال تعالى : " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7) " ( الماعون ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله رب العالمين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق