الجمعة، 10 أبريل 2015

بطلان أثر ( أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ )

بيان الصلاة التي أمر الله بها عباده

كتب محمد الأنور ( تبيين الحق , أبو عبد الله المدني )

بطلان أثر ( أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ )


هذا الأثر مخالف للقرآن , فمن المسلم به أن شرع من قبلنا هو شرع لنا ما لم يخالف شرعنا , أي أن شرع من قبلنا هو شرع لنا إلا في بعض المسائل التي نزل فيها التخفيف علينا وليس التشديد .

قال تعالى : " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ " [البقرة : 286]

قال تعالى : " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [الأعراف : 157]

ومن المعلوم أن شرع من قبلنا كان فرضين وهما صلاة الفجر ( بالغدو ) وصلاة العشاء ( بالعشي ) , أما الصلاة في وقت العتمة فهذا مخالف لشرع من قبلنا كما أنه مخالف للقرآن , فصلاة الليل تصلى تهجداً وليس في أول الليل , فضلاً عن أنها نافلة وليست فريضة . 

وسأكتفي بالروايات التالية لهذا الأثر الباطل , والتي ستغني عن غيرها :

الرواية الأولى : سنن أبي داود : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، يَقُولُ: ارْتَقَبْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ فَأَخَّرَ حَتَّى ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ، وَالْقَائِلُ مِنَّا، يَقُولُ: صَلَّى، فَإِنَّا لَكَذَلِكَ، حَتَّى خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا لَهُ كَمَا قَالُوا، فَقَالَ لَهُمْ: " أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ " .

علل السند :

1 ـ عاصم بن حميد السكوني , وهو مجهول أو مستور , ولم يوثقه إلا ما لا يعتد بتوثيقه , قال فيه أبو الحسن بن القطان الفاسي : ( لا نعرف أنه ثقة ) ، وقال أيضاً : ( لا يعرف حاله ) , وقال أبو بكر البزار : ( لم يكن له من الحديث ما يعتبر به حديثه ) .

2 ـ راشد بن سعد المقرائي , ضعفه ابن حزم , وقال ابن حجر في التقريب : ( ثقة كثير الإرسال ) , وقال الدارقطني : (لا بأس به يعتبر به إذا لم يحدث عنه متروك ) , قلت ـ محمد الأنور ـ : وأنا أشترط في المدلس والمرسل التصريح بالسماع .

تنبيه : حريز بن عثمان الرحبي ( حريز بن عثمان بن جبر بن أحمر بن أسعد ) , كان يسب علياً على المنابر وبالغداة والعشي , وقال يحيى بن معين في رواية عثمان بن سعيد الدارمي : ( ثقة ) ، وفي رواية العباس : ( ليس بشيء ) ، وفي رواية ابن محرز قيل له : حريز بن عثمان يحدث عن عبد الله بن بشر ؟ فقال : ( نعم وعن عبد الله بن بسر ) .

الرواية الثانية : مسند أحمد بن حنبل : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرَنَا حَرِيزٌ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: رَقَبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ، فَاحْتَبَسَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لَنْ يَخْرُجَ، وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ: قَدْ صَلَّى وَلَنْ يَخْرُجَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ظَنَنَّا أَنَّكَ لَنْ تَخْرُجَ، وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ: قَدْ صَلَّى وَلَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، فَقَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ يُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ ". حَدَّثَنَا هَاشِمٌ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، سَمِعْتُ مُعَاذًا يَقُولُ: إِنَّا رَقَبْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي: انْتَظَرْنَاهُ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ .

علل السند الأول : مثل السند السابق .

تنبيه : يزيد بن هارون الواسطي ( يزيد بن هارون بن زاذي بن ثابت ) , قال ابن حجر العسقلاني في التقريب : ( ثقة متقن ) ، وقال في هدي الساري : ( أحد الثقات الأثبات المشاهير واحتج به الجماعة كلهم ، تغير لما عمي ) , وقال يحيى بن معين : ( ثقة ) ، وقال أيضاً : ( ليس من أصحاب الحديث ، لأنه لا يميز ولا يبالى عمن روى ) .

1 ـ عاصم بن حميد السكوني , وهو مجهول أو مستور , ولم يوثقه إلا ما لا يعتد بتوثيقه , قال فيه أبو الحسن بن القطان الفاسي : ( لا نعرف أنه ثقة ) ، وقال أيضاً : ( لا يعرف حاله ) , وقال أبو بكر البزار : ( لم يكن له من الحديث ما يعتبر به حديثه ) .

2 ـ راشد بن سعد المقرائي , ضعفه ابن حزم , وقال ابن حجر في التقريب : ( ثقة كثير الإرسال ) , وقال الدارقطني : (لا بأس به يعتبر به إذا لم يحدث عنه متروك ) , قلت ـ محمد الأنور ـ : وأنا أشترط في المدلس والمرسل التصريح بالسماع .

3 ـ هاشم بن القاسم الليثي ( هاشم بن القاسم بن مسلم بن مقسم , قيصر , أبو النضر ) , قال فيه أبو نعيم الأصبهاني : ( أما يتقى الله قيصر يحدث عن الأشجعي بكتاب سفيان يعنى بقيصر أبا النضر ) , وقال يحيى بن معين : ( أول ما كتبنا عن أبي النضر هاشم بن القاسم قال ان عندي كتابا لشعبة نحوا من ثمانمائة حديث سألت عنها شعبة فحدثنا بها وقال عندي غير هذه لست اجترئ عليها ثم حضرناه من بعد تلك الأحاديث الباقية فكان يقول فيها حدثنا شعبة والحديث فتنة ثقة ) .

تنبيه : إذا وجدت أي أثر معنعناً أو مؤنناً أو به أي صيغة لا تفيد التصريح بالسماع فرده لأن الرواة أئمة في التدليس والإرسال .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الحمد لله , وصلى الله على النبي وسلم تسليماً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق