الجمعة، 17 أبريل 2015

الدليل من اللسان العربي

رسالة : بيان الصلاة التي أمر الله بها عباده

فصل : الدليل من اللسان العربي

كتب : محمد الأنور ( أبو عبد الله المدني , تبيين الحق ) :

إن الحق واحد , ويمكن الوصول إليه بطرق كثيرة , بشرط أن تكون هذه الطرق صحيحة , فيمكن الوصول إليه بالقرآن أو تحقيق آثارهم المزعومة أو الفطرة أو العقل والحكمة أو اللسان العربي , فلقد أنزل الله كتابه بلسان عربي مبين , والقرآن مبين ومفصل في نفسه وتبيان وتفصيل لكل أمور الدين .

وفيما يلي بعض الكلمات ومعانيها والتي ستبين الحق لمن له عقل :

1 ـ الصلاة :

الصلاة هي الدعاء والمغفرة والرحمة والنصرة والعون , وصلاة الفجر والعشاء والتهجد عبارة عن ذكر ودعاء .


وأي شيء لا يدخل في الذكر أو الدعاء أو يتعارض معه فهو مخالف للصلاة ومن ثم لا يدخل فيها لأنه ليس منها , وذلك مثل الالتفات والتسليم في آخر الصلاة .

فعندما كان النبي ينتهي من صلاته وتسبيحه كان يلتفت إلى الناس ويسلم عليهم , والسؤال : كيف يستجيز محرف أو مخرف أن يجعل الالتفات والتسليم من الصلاة نفسها ؟

وكيف يأتي مغفل فيقلد دون تبين ويظن أن هذا التحريف هو دين الله تعالى ويدافع عنه ويتهم من خالفه ؟

وكيف تلتفتون في الصلاة وأنتم تقولون بالنهي عن الالتفات في الصلاة ؟

وكيف تسلمون على الناس وأنتم في صلاة وتناجون ربكم ؟

وعلى من تسلمون إذا كنتم بمفردكم ؟

ولقد شعر الشافعي بالتعارض بين الالتفات والنهي عن الالتفات في الصلاة , فاجتهد وأفتى بالسلام أولاً ثم الالتفات .

والسؤال : هل أزال الشافعي هذا التعارض ؟

إنه سيلتفت ثم يسلم ثم يرجع ثانية ينظر أمامه ثم يلتفت ثم يسلم , والسؤال : هل خرج الشافعي من الصلاة بالتسليمة الأولى ؟ إذا كان خرج منها فما فائدة الالتفات إذاً ؟ أم أن الالتفات من خواتيم الصلاة وليس من الصلاة ؟ وما باله قد رجع ثانية إلى الصلاة ونظر أمامه ثم سلم ثم التفت ؟

قال الله : " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا " [النساء : 82]

2 ـ الركوع :

الركوع في اللسان العربي هو مطلق الانحناء وتطأطؤ الرأس .


والركوع هو الخشوع والخضوع والتواضع والذل والافتقار وانحطاط الحال والاطمئنان والانحناء وخفض الرأس وطأطأة الرأس والسقوط ولم يأت في القرآن بمعنى انحناء الظهر أو الوسط أو التوطية أو الوضع الفرنساوي , وليس هذا من معانيه في اللسان العربي .

قال الله : " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ " [المائدة : 55]

فهل المعنى عند المحرفين أن تؤتي زكاتك وأنت موطِّي ؟

والأثريون يحصرون إيتاء الزكاة في الإنفاق , والسؤال : هل المعنى أن تعطي نفقتك للفقير وأنت موطي ؟

ماذا سيقول الفقير عليك ؟

بماذا سيظن فيك ؟

قال الله : " قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ " [ص : 24]

أي وخر خاضعاً , وليس كما يقول البعض وخر ساجداً  , فالخرور يعني السقوط على الأرض وقد لا يعني , والأثريون يفسرون الخرور هنا بالسجود ثم يفسرون الركوع بالسجود , وهذا باطل , لما فيه من التكرار , فالمعنى عندهم هو : وسجد ساجداً , وهذا تكرار مخل , فضلاً عن أن الركوع يعني الخضوع والخشوع والاطمئنان وليس السجود .

والسؤال : هل معنى الركوع في الآية هو التوطية ؟ وهل معنى وخر راكعاً في الآية هو وخر موطياً ؟

لا , فالركوع يعني الخضوع والخشوع والاطمئنان , وليس من معانية التوطية وانحناء الظهر .

والعجيب أن الحشوية يعلمون أن الركوع لا يعني التوطية في الآية , ولكنهم ضلوا فزعموا أن الركوع يعني السجود , فقالوا أن داود قد باشر الأرض , حتى جعلوها آية سجدة .

والسؤال : هل الركوع يعني السجود ؟

ولماذا لم تجعلوها آية توطية وليست آية مباشرة للأرض ؟ ما لكم كيف تحكمون ؟


3 ـ الركعة :

الركعة هي اسم مرة من ركع , أي الواحدة من الركوع .

والركوع هو الخشوع والخضوع والاطمئنان وليس التوطية .

أي أن الركعة تعني الخشعة والخضعة .

والقرآن لم يحدد عدداً معيناً للركعات أي الخشعات أو الخضعات , بل أمرنا بالركوع ـ الخشوع والخضوع والاطمئنان ـ فقط , فالصلاة كتاب موقوت وليست معدوداً أو موزوناً أو مكيلاً .

ولو تحامق أثري وقال ما هي عدد الركعات ؟ وما عدد السجدات ؟

قلتُ له : أنت مأمور بالركوع والسجود من أول الصلاة إلى آخرها ولكن المصيبة أنك لا تعلم معنى الركوع والسجود , فأنت تظن أن الركعة هي عدة تمارين , وهذا باطل .

ولو اشتد غباؤه وكرر السؤال , قلتُ له : إن الأمر غير المحدد بعدد يجزئ الإتيان منه مرة واحدة , وذلك مثل الوضوء فإن الله تعالى لم يحدد عدداً لغسل الأعضاء لذا يجزئ غسل العضو مرة واحدة , كذلك الصلاة تجزئ ركعة واحدة وسجدة واحدة , ولكن عليك أن تعلم ما معنى الركوع والسجود .

والعجيب أن روايات الأثريين تفيد بأن الصلاة قد تتم بدون اشتراط العدد .

ولقد روى السنيون عن النبي أنه قال : " مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ " ( متفق عليه ) .

قال ابن حجر : ( الإدراك الوصول إلى الشيء ، فظاهره أنه يكتفي بذلك ، وليس ذلك مرادا بالإجماع ، فقيل يحمل على أنه أدرك الوقت ، فإذا صلى ركعة أخرى فقد كملت صلاته ، وهذا قول الجمهور ) . ( فتح الباري ) .

قلت : وهذا باطل فالحديث ظاهر في أن صلاته كاملة .


4 ـ الراكع :

الراكع هو الخاشع والخاضع والمطمئن , وليس الموطي , فمن ركع فهو راكع , ومن خشع فهو خاشع , ومن قام فهو قائم , ومن قنت فهو قانت , ومن سجد فهو ساجد , ومن وطى فهو موطي أو واطي أو مهان .

والركع هم الخاشعون والخاضعون والمطمئنون .

ولا يشترط أن يكون الراكع في صلاة فقد يكون خاشعاً أو مطمئناً في غير صلاة .

5 ـ طرف :

الطرف هو أول الشيء وآخره , أو هو بداية الشيء ونهايته , ولا بد أن يكون من الشيء نفسه , أي من النهار وليس من الليل .

قال تعالى : " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " [هود : 114]

و "طرفي" مثنى أي أنهما طرفان فقط , ومن ثم فهما فرضان اثنان فقط ويكونان في أول النهر وآخره .


والمصيبة أن الفرق الضالة تصلي الفجر والعشاء ليلاً .

6 ـ الإبكار :

وأما "الإبكار" فإنه مصدر من قول القائل : "أبكر فلان في حاجة فهو يبكر إبكارا" وذلك إذا خرج فيها من بين مطلع الفجر إلى وقت الضحى ، فذلك "إبكار" . يقال فيه : "أبكر فلان" و "بكر يبكر بكورا" . ( تفسير الطبري ) .

7 ـ المغرب :

جاء المغرب في القرآن اسم مكان وليس اسم زمان , ولقد ذكر في القرآن مشرق ومغرب ومشرقين ومغربين ومشارق ومغارب كأسماء مكان ولم تأت كأسماء زمان , بل جاء في القرآن للدلالة على الزمان الكلمات التالية : "الغروب" , "غروبها" .

والصلاة تسمى بوقتها , والوقت الذي يلي غروب الشمس مباشرة اسمه الغسق , ولو كانت هناك صلاة في ذلك الوقت لسميت صلاة الغسق وليس صلاة المغرب أو صلاة موريتانيا .

ولو افترضنا بوجود صلاة اسمها صلاة المغرب فيكون معناها الصلاة مكان الغروب أو في بلد المغرب .

8 ـ العشاء :

العشاء من العشي وليست من العتمة , مثل الغداء والغداة فهما من الغدو .

أي أن صلاة العشاء هي الصلاة وقت العشي أي هي الصلاة وقت الأصيل أو الآصال .

والسؤال : هل كلمة العشاء مأخوذة من كلمة العتمة ؟

لا , فهذا وقت وذاك وقت آخر , وهذه كلمة وتلك كلمة أخرى .


ولا يوجد وقت في الليل أو ساعة من الليل اسمها العشي .

9 ـ عتمة :

عتَمَةُ الليل : ظلامُ أوَّلِهِ بعد زوال نور الشَّفَق , الثُّلثُ الأَوَّل من اللَّيل بعد غيبوبة الشَّفق , ظُلْمة اللَّيل , الظلمة وعدم اتضاح الرؤية ‏, إبطاء ، تأخر .

10 ـ الليل :

اللَّيْلُ : ما يَعقُب النهارَ من الظَّلام ، وهو من غروب الشمس إِلى طلوع الفجر , وهو يقابل النَّهارَ .

فالليل يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر , أي أن وقت الغسق من الليل , ووقت العتمة من الليل .

وكما هو معلوم فإن صلاة الليل نافلة , قال تعالى : " وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا " [الإسراء : 79]

ومن ثم فإن الصلاة وقت الغسق أو العتمة هي نافلة , ولكنها قد صليت في غير وقتها الأفضل , لأن صلاة الليل تصلى تهجداً وليس في أول الليل .

11 ـ الناشئة :

قال تعالى : " إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا " [المزمل : 6] .

اسم فاعل من نشَأَ 

والناشئة هي الناهضة والقائمة .

والناشئة هي ما ينشأ .

ناشِئَةُ اللَّيْل : العبادة التي تنشأ به و تحدث .

وقيل : ناشِئَةُ اللَّيْل : الاستيقاظ من النوم والقيام للصّلاة .
وقيل : الاستيقاظ من النوم ليلا والقيام إلى الصلاة ‏.

وقيل : الناشئة : القيام بالليل بعد النوم ، ومن قام أول الليل قبل النوم فا قام ناشئة .

وقيل : هي القيام من آخر الليل .

وقيل: ناشئة الليل : أول ساعاته .

وقيل : ناشئة الليل : ساعاته .

12 ـ التهجد

قال القرطبي : ( التهجد : التيقظ بعد رقدة , فصار اسماً للصلاة لأنه ينتبه لها , فالتهجد : القيام إلى الصلاة من النوم ) . ( تفسير القرطبي ) .

وهذا يوافق قول الله : " وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49) " ( الطور ) .

وقول الله : " وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) " ( الشعراء ) .

فوقت الصلوات الثلاث حين القيام من النوم , فالفجر يكون حين القيام من نومة آخر الليل , والعشاء حين القيام من القيلولة , والتهجد حين القيام من نومة أول الليل .

13 ـ زلفاً :

زلفاً أي قربات .

قال الله : " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " [هود : 114]
ــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله رب العالمين



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق