الثلاثاء، 17 مارس 2015

بطلان دعوى النسخ

بيان الصلاة التي أمر الله بها عباده


فصل : بطلان دعوى النسخ

كتب محمد الأنور ( أبو عبد الله المدني , تبيين الحق ) :

إن افتراض الصلوات الخمس مبني على نسخ أثر الشِّعرة لكتاب الله تعالى , وهو أثر باطل السند منكر ومضطرب المتن , فهو أثر مخالف لكتاب الله تعالى , كما أن الآثار الأخرى مثل أثر نزول جبريل صبيحة ليلة المعراج والصلاة بالنبي هي آثار باطلة السند منكرة المتن مخالفة للقرآن أيضاً , فضلاً عن أنها مبنية على أثر الشِّعرة الباطل وما بني على باطل فهو باطل , كما أن الآثارلا تنسخ القرآن , فضلاً عن أن هذين الأثرين متقدمان عن الكثير من آيات الصلاة , والسؤال : كيف ينسخ المتقدم المتأخر ؟

وإذا سلمنا جدلاً بصحة الفهم السقيم لدى الفرق الضالة , وأن آيات الصلاة منسوخة كما يزعمون , فلا بد أن تتوفر عدة شروط في الناسخ , وهي :

 1 ـ أن يكون الناسخ آية من القرآن : 

قال تعالى : " مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " [البقرة : 106]

ورغم أن سياق الآية يدل إما على نسخ المعجزات لبعضها أو نسيانها , أو يدل على نسخ آيات القرآن لبعض الآيات في  الكتب السابقة , أي أن القرآن هو الناسخ وليس المنسوخ ,  إلا أن المغفلين قد استدلوا بهذه الآية على أن القرآن هو المنسوخ , ثم أتوا بآثار المدلسين والوضاعين وزعموا أنها هي الناسخة , وهذا مخالف للآية نفسها , فلقد قال الله : " نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا " , والأثر ليس بأفضل من الآية وليس مثلها .

إن من المسلم به أن الأثر دون الآية , قال تعالى : " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ " [الزمر : 23]

أي أن الآية خير وأفضل وأحسن من أي أثر , فإذا زعم أحد أن الله تعالى قد لغى ( نسخ ) آية ثم جاء بما هو دونها فقد خالف قوله تعالى : " نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا " .

وقال تعالى : " وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " [يونس : 15]

فالله تعالى هو الذي يبدل وليس النبي , بل إن عمل الأنبياء هو اتباع الوحي وليس إلغاؤه , أما إلغاؤه ومحاولة تحريفه فمن عمل شياطين الإنس والجن .

قال تعالى : " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ " [فصلت : 26]

قال تعالى : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " [الحج : 52]

والخلاصة : إذا كان هناك نسخ فلا بد أن يكون الناسخ آية وليس أثراً .

والسؤال : هل ما زلتم تؤمنون بأن الآثار تنسخ القرآن ؟

2 ـ أن يكون الناسخ متواتراً :

إن من تساهل وخالف القرآن وقال بجواز نسخ الأثر للقرآن قد اشترط في الأثر أن يكون متواتراً , لأن القرآن متواتر , والضعيف لا ينسخ القوي .

والسؤال : هل أثر الشِّعرة متواتر ؟

كيف ينسخ الآحاد المتواتر ؟

3 ـ أن يكون الناسخ صحيحاً :

إن من شروط الناسخ عند الفرق الضالة التي تساهلت وخالفت القرآن وزعمت نسخ الآثار للقرآن أن يكون الأثر صحيح السند والمتن .

والسؤال : هل أثر الشِّعرة ( أثر شق الصدر والإسراء والمعراج ) صحيح السند ؟

إنه من رواية المدلسين والمجاهيل .
هل أثر الشِّعرة صحيح المتن ؟

أليس متنه منكراً ؟

أليس متنه مخالفاً للقرآن ؟

4 ـ أن يكون الناسخ أخف وأيسر من المنسوخ :

قال تعالى : " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ " [البقرة : 286]

قال تعالى : " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [الأعراف : 157]

والسؤال : هل خمسة فروض ونافلة أيسر أم فرضان ونافلة ؟

كيف تنسخون الأخف بالأغلظ ؟

إن الصلاة فرضان ونافلة وهذا يوافق ما جاء في القرآن كما يوافق شرع من قبلنا الوارد في القرآن .

والسؤال : هل شرعنا أغلظ من شرع من قبلنا ؟

5 ـ أن يكون الناسخ متأخراً عن المنسوخ :

والسؤال : هل أثر الشِّعرة متأخر أم متقدم عن آيات الصلاة ؟

لقد اختلف العلماء في تاريخ حادثة الإسراء والمعراج ؟

فقيل: قبل الهجرة بسنة، وجرى عليه النووي ، وادعى ابن حزم الإجماع على ذلك، وقال القاضي: قبل الهجرة بخمس سنين.

ومن المسلم به أن سورة الإسراء نزلت بعد حادثة الإسراء وليس قبلها , كما أن أثر الشِّعرة  المكذوب يحكي عن حوادث وقعت في الإسراء والمعراج , ولو سلمنا بصحة تلك الحوادث فلا بد أن نقول أنها قد وقعت قبل نزول سورة الإسراء , وليس قبلها .

وسورة الإسراء نزلت بعد حادثة الإسراء وتأمر بفرضين ونافلة وليس خمسة فروض .

قال تعالى : " أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِكَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) " ( الإسراء ) .

فالله تعالى يأمر بثلاث صلوات في الآيتبن السابقتين :

1 ـ صلاة العشاء ( العشي , الأصيل , الآصال , العصر ) , وهي فريضة .

2 ـ صلاة الفجر ( الغدو , الغداة , البكور , البكرة , الإبكار , الصبح , الفلق ) , وهي فريضة .

3 ـ صلاة الليل ( التهجد , قيام الليل ) , وهي نافلة .

فضلاً عن نزول سور أخرى بعد سورة الإسراء قد أمرت بفرضين ونافلة , مثل سورة هود , قال تعالى : " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " [هود : 114].

وقوله تعالى : " وزلفاً " أي وقربات .

أي أن دعوى الإلغاء ـ النسخ ـ باطلة , ولو صحت لقلنا أن إلغاء عدد الفروض  وجعلهما خمسة كان لمدة ساعات حتى نزلت سورة الإسراء .فأعاد الله العدد كما كان , ولكن هذا التخبط فيه اتهام لرب العالمين بعدم الحكمة , لأن هذا الفعل ليس من الحكمة في شيء , والحق أن أثر الشِّعرة موضوع لأنه باطل السند منكر ومضطرب المتن مخالف للقرآن .

والسؤال هل يستطيع دعاة الإلغاء ـ النسخ ـ أن ينظروا إلى التاريخ ثم يقولون بأن أثر الشِّعرة منسوخ بالآيات التي نزلت بعده ؟

هل يستطيع المقلدون أن يتبينوا قبل تقليدهم ثم يقولون بأن أثر الشِّعرة موضوع ؟

تنبيه : إلغاء العدد أو تبديله لا بد أن يكون بالقرآن أيضاً وليس بأثر , فضلاً عن كون الأثر باطلاً .

6 ـ الحكمة :

أ ـ الحكمة من النسخ :

هل من حكمة في زيادة الصلوات , ونسخ آيات الصلاة ؟

لا توجد .

ب ـ الحكمة في النسخ :

فناسخ المتواتر لا بد أن يكون متواتراً , وناسخ المتلو لا بد أن يكون متلواً , وناسخ القرآن لا بد أن يكون قرآناً .

ولا بد أن يكون الناسخ أحكم وأفضل من المنسوخ , قال تعالى : " نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا " خير منها أو مثلها سنداً ومتناً .

وأخيراً نصيحة :

احذروا النسخ فهو كفر بآيات الله , احذروا تعطيل آيات الله وأحكامه , احذروا الكفر بآيات الله تحت أي مسمى .

إن ادعاء نسخ آيات الله تعالى بالآثار هو كفر وتكذيب بها :

قال الله : " تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ " [الجاثية : 6]

قال تعالى : " فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ " [القلم : 44]

قال تعالى : " أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " [البقرة : 85]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق